تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ... وقد رد عليهم هذا التأويل والفهم الفاسد أبو بكر الصديق وسائر الصحابة، وقاتلوهم حتى أدوا الزكاة إلى الخليفة كما كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال الصديق: والله لو منعوني عناقا- وفي رواية عقالا- كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلنهم على منعه.
٤ - تنفيذا لقوله تعالى وَصَلِّ عَلَيْهِمْ بعد قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بصدقة قوم صلى عليهم فأتاه أبي (أي والد الراوي وهو عبد الله بن أبي أوفى) بصدقة فقال: «اللهم صل على آل أبي أوفى» رواه مسلم. وفي الحديث الآخر أن امرأة قالت يا رسول الله صل علي وعلى زوجي فقال:«صلى الله عليك وعلى زوجك» ومعنى الصلاة هنا الدعاء والاستغفار.
وروى الإمام أحمد ... عن ابن لحذيفة عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا لرجل أصابته وأصابت ولده وولد ولده.
روى الثوري ووكيع عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره، حتى إن اللقمة لتكون مثل أحد» وتصديق ذلك في كتاب الله عزّ وجل: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ. وقوله يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ. وروى الثوري والأعمش ... عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إن الصدقة تقع في يد الله عزّ وجل قبل أن تقع في يد السائل، ثم قرأ هذه الآية أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ. وقد روى ابن عساكر في تاريخه قال: غزا الناس في زمن معاوية رضي الله عنه، وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فغل رجل من
المسلمين مائة دينار رومية، فلما قفل الجيش ندم وأتى الأمير، فأبى أن يقبلها منه فقال:
قد تفرق الناس ولن أقبلها منك حتى تأتي الله بها يوم القيامة، فجعل الرجل يستقري الصحابة فيقولون له مثل ذلك. فلما قدم دمشق ذهب إلى معاوية ليقبلها منه فأبي عليه فخرج من عنده وهو يبكي ويسترجع، فمر بعبد الله بن الشاعر السكسكي فقال: ما يبكيك؟ فذكر له أمره، فقال أو مطيعي أنت؟ فقال: نعم: فقال: اذهب إلى معاوية