تجد مثلا في الإصحاح الثامن عشر من سفر التكوين كلاما عن سارة، وشيخوختها، بينما نجد في الإصحاح العشرين أنها من الجمال بحيث تكون محل طمع الملوك. وفي الإصحاح الحادي والعشرين: كلام عن هاجر وإسماعيل، وأن إبراهيم طرحهما في برية بئر السبع، مع أن البداهة التاريخية تحكم أن العرب المستعربة من نسل إسماعيل، وقريش من نسل إسماعيل، والعرب أعرف الخلق بأنسابها، ولم تزل قصة زمزم والحرم متوارثة عند العرب، فأي تحريف مثل هذا التحريف!.
وفي الإصحاح الثاني والعشرين دعوى أن الذبيح إسحاق مع أن الإصحاح يقول «خذ ابنك وحيدك» فكيف يكون الذبيح إسحاق وهو ليس الابن الوحيد لإبراهيم بنص التوراة نفسها.
ونلاحظ أيضا أن التوراة الحالية تذكر أكثر من تعليل لتسمية بئر السبع ففي كل مرة يذكر سبب يختلف عن الآخر للتسمية، وهذا يدل على التناقض.
وكثير من الإصحاحات تنسب الزنا للأنبياء بالبنات وغيرهن.
وفي الإصحاح الخامس والثلاثين نجد العبارة التقليدية التي تدلل على أن كتابة هذه الأسفار كانت متأخرة جدا وهي عبارة «إلى اليوم».
كما نلاحظ في هذا الإصحاح أنه يذكر أن رأوبين بن يعقوب زنى بسرية أبيه وفي الإصحاح الثامن والثلاثين أن يهوذا زنى بكنته، وأمثال هذا السخف كثير كل هذا وأمثاله مما أشرنا إلى بعضه أثناء الكلام عن سورة الأعراف يرينا مقدار التحريف الذي حدث في هذه الأسفار، ومن ثم كان القرآن مصدقا بالجملة لما بين يديه مما نراه الآن، ولو كان التحريف لم يطرأ لرأينا التصديق التفصيلي مع التصديق الإجمالي:
وإذا كانت التوراة الحالية قد كتبت في عصور متأخرة جدا- كما تشهد نصوصها- وأعظم ما يشهد لذلك ما نقلناه من قبل، وهو ما ورد في آخر سفر التثنية في الإصحاح الرابع والثلاثين عن موت موسى، ودفن في الجواء في أرض موآب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم».
فهذا يدل على أن الأسفار ليست التوراة بل فيها بعض التوراة ويدل على أن هذه الأسفار الخمسة كتبت بعد آماد متطاولة جدا.