«واجتاز رجال مديانيون تجار فسحبوا يوسف وأصعدوه من البئر وباعوا يوسف للإسماعيليين».
«وأما المديانيون فباعوه في مصر لفوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط» ففي التعبير الأول كان الإسماعيليين هم المشترين، وفي التعبير الثاني كان المديانيون هم البائعين في مصر ولرئيس شرطة فرعون. فإذا كنت تجد في صفحة واحدة من التناقضات ما ذكرنا فهل تبقى أي قيمة لروايات هذه الكتب؟ لقد أنقذ القرآن البشرية من الشك بأصل الوحي. إذ أعطاها الصيغة الكاملة للحق فيما تعرض له، فشتان بين كلام الله الذي لم يشب وبين الكلام الذي خالطه ما خالطه، ومن أجل أن يتضح لك جلال القرآن فاقرأ رواية الأسفار وتذكر ما لاحظناه عليها: «فلما أبصروه من بعيد قبل ما اقترب إليهم احتالوا له ليميتوه. فقال بعضهم لبعض: هو ذا هذا صاحب الأحلام قادم. فالآن هلم نقتله ونطرحه في إحدى الآبار ونقول وحش ردئ أكله، فنرى ماذا تكون أحلامه فسمع رأوبين وأنقذه من أيديهم، وقال لا نقلته، وقال لهم رأوبين: لا تسفكوا دما.
اطرحوه في هذه البئر التي في البرية ولا تمدوا إليه يدا. لكي ينقذه من أيديهم ليرده إلى أبيه. فكان لما جاء يوسف إلى إخوته أنهم خلعوا عن يوسف قميصه القميص الملون الذي عليه. وأخذوه وطرحوه في البئر. وأما البئر فكانت فارغة ليس فيها ماء. ثم جلسوا ليأكلوا طعاما، فرفعوا عيونهم ونظروا وإذا قافلة إسماعيليين مقبلة من جلعاد، وجمالهم حاملة كثيراء، وبلسانا ولاذنا ذاهبين لينزلوا بها إلى مصر. فقال يهوذا لإخوته: ما الفائدة أن نقتل أخانا ونخفي دمه. تعالوا فنبيعه للإسماعيليين ولا تكن أيدينا عليه لأنه أخونا ولحمنا. فسمع له إخوته. واجتاز رجال مديانيون تجار. فسحبوا يوسف وأصعدوه من البئر وباعوا يوسف للإسماعيليين بعشرين من الفضة، فأتوا بيوسف إلى مصر. ورجع رأوبين إلى البئر وإذا يوسف ليس في البئر فمزق ثيابه. ثم رجع إلى إخوته وقال الولد ليس موجودا. وأنا إلى أين أذهب.
فأخذوا قميص يوسف وذبحوا تيسا من المعزى وغمسوا القميص في الدم، وأرسلوا القميص الملون وأحضروا إلي أبيهم. وقالوا وجدنا هذا. حقق أقميص ابنك هو أم لا؟
فتحققه وقال قميص ابني وحش ردئ أكله. افترس يوسف افتراسا. فمزق يعقوب ثيابه ووضع مسحا على حقويه وناح على ابنه أياما كثيرة. فقام جميع بنيه وجميع بناته ليعزوه. فأبى أن يتعزى وقال: إني أنزل إلى ابني نائحا إلى الهاوية. وبكى عليه أبوه.