للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا البيت أعظم مني ولم يمسك عني شيئا غيرك لأنك امرأته فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله) والملاحظ أن هذا المعنى سجله القرآن إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ فتأمل عظمة هذا القرآن، إذ يأتي بأعظم المعاني وأغزرها وأصدقها بأوجز تعبير وألطفه وأدقه وأصدقه، ثم إن الإصحاح لا يحدثنا عن كثير من التفصيلات، وإن كان يحدثنا بإجمال عن خلو البيت مرة، وإمساكها يوسف وهربه منها. وفي الإصحاح غلط وخطأ وكذب وعدم دقة ونقص. لا تخفى على المتأمل ومن أمثالها نعرف نعمة الله إذ أنزل هذا القرآن فيه بيان وتفصيل لكل شئ، ومن مثل هذا نعرف كيف أن هذه السورة جاءت لتحقق إقامة الحجة على إعجاز هذا القرآن من خلال هذا العرض الصادق والعجيب لقصة يوسف عليه السلام.

٢ - نلاحظ أن التوراة الحالية لم تذكر اسم زوجة سيد يوسف إلا أن المفسرين المسلمين يذكرون أن اسمها زليخا، وبعضهم يسميها راعيل. وذكر ابن إسحاق أن زليخا كانت أخت الملك الريان بن الوليد، وليس هناك من مصدر لمثل هذا إلا روايات أهل الكتاب المعاصرين للمفسرين وكثير منها لا يصح الاتكاء عليه أصلا.

٣ - عند قوله تعالى وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ يقف المفسرون وقفات طويلة فلتراجع، وقد اخترنا في شأنها ما حكاه الكسائي أنها لغة لأهل حوران وقعت لأهل الحجاز ومعناها تعال: وفي الكلمة قراءات أخرى ونحن في هذا الكتاب نمشي على قراءة حفص.

٤ - وعند قوله وَهَمَّ بِها كلام كثير للمفسرين وهم متفقون بأن همه غير همها، همها عزم، فما هو همه؟ سنرى الجواب وقد ذهب بعضهم إلى أن الهم لم يحدث أصلا واعتبروا أن قوله تعالى وَهَمَّ بِها متصل بما بعده وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ أي لولا أن رأى برهان ربه لهم بها هم طبع، ولكنه رأى برهان ربه فلم يهم، إلا أن بعضهم يرفض هذا الرأى لأن علماء العربية لا يرون أن مثل هذا الوجه يقبله استقراء لغة العرب، وبعضهم قال هم بها، أي هم بضربها، وأجود شئ أن يحمل همه على أنه خطرة نفس لم يقبلها قلبه، فهي من نوع الهم الموجود في الحديث المخرج في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشرة أمثالها، وإن هم بسيئة فلم يعملها فاكتبوها حسنة فإنما تركها من جرائي، فإن عملها فاكتبوها بمثلها».

<<  <  ج: ص:  >  >>