قسيطرة، وهي على مسافة ٦٠ كيلومترا من إزمير، جعلها الرومانيون قاعدة لولاية آسيا الغربية في البر، وقنصلية، ومحطا لتجارة متسعة زاهرة جدا، ولكن أعظم فخر لها هو هيكل ديانا- المعبودة اليونانية- العظيم الذي يعد من عجائب الدنيا السبع، وكان أكبر الهياكل اليونانية. وذكر بليكي Blackie في كتابه A manual of Biblic History أن مدينة أفيسيس Ephesus اشتهرت في التاريخ القديم بفلسفتها وخلاعة أهلها، واستهتارهم، وأصبحت مضرب المثل في الفجور والخلاعة، وكانت وثنيتها مزيجا من الوثنية الغربية والشرقية). ويجدد أي الإمبراطور ديسيس فيها تقليد عبادة الأوثان، ويأمر أهل المدينة والمسيحيين بصفة خاصة بتقديم الذبائح والقرابين لها، وأقلع عدد من المسيحيين عن عقيدتهم النصرانية، وبقي عدد منهم متمسكين بديانتهم، متحملين لاضطهاد رجال الحكومة، وتعذيبهم. وهنا يقدم إلى الإمبراطور سبعة من الشباب (وتقول بعض الروايات أنهم كانوا ثمانية) وكانوا مقيمين في السراي وقد اختلف في أسمائهم، وقد اتهموا باعتناق النصرانية سرا، وهم يرفضون تقديم القرابين إلى الأوثان، ويمهلهم الإمبراطور لمدة طمعا في أن يرجعوا إلى صوابهم، ويتوبوا عن النصرانية، ويخرج من المدينة.
وفي خلال هذه المدة يغادر هؤلاء الشباب المدينة ويأوون إلى كهف في جبل قريب كان يسمى ب Anchilus ويخرج أحدهم اسمه Diomedes أو Imblicus متنكرا وفي ثياب متوسخة رقيعة إلى البلد، ليتعرف الأخبار ويشتري الطعام ولا يمضي على ذلك كثيرا حتى يرجع ديسيس المدينة، ويأمر بأن يقدم إليه الشباب، ويخبر Diomedes زملاءه بهذا الأمر السلطاني، فيتناولون الطعام، وقد استولى عليهم الحزن والقلق، ثم يستغرقون في نوم عميق طويل يسلّطه الله عليهم، ولما لم يهتد الإمبراطور إلى هؤلاء الشباب، طلب آباءهم فأبدوا براءتهم عن هذا التهرب، وأن تكون لهم يد في هذه المؤامرة، وأخبروه بأنهم متسترون في جبل Anchilus وهنا يأمر الإمبراطور بأن يسد مدخل هذا الكهف بحجارة كبيرة، فيموتوا هناك حتف أنوفهم، ويبقوا موءودين في هذه المغارة، ويكتب مسيحيان، أحدهما Theodor والآخر Rufinus قصة هؤلاء الشهداء الشباب على لوحة من معدن ويدفنها تحت الحجارة التي سد بها الغار.
وبعد أن مضى عليهم ثلاث مائة وسبع سنوات فكان عهد الإمبراطور ثيودوسيس الثاني Theodosius تقوم ثورة يقودها بعض المسيحيين، وتنكر جماعة منهم على رأسهم القس تيودر Theodore عقيدة بعث الأموات، وإمكان حشر الأجساد، فيفزع ذلك