للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقالت فرقة: يا سامري ما هذا وأنت أعلم به؟ قال: هذا ربكم ولكن موسى أضل الطريق، فقالت فرقة: لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى، فإن كان ربنا لم نكن ضيعناه، وعجزنا فيه حين رأينا، وإن لم يكن ربنا فإنا نتبع قول موسى، وقالت فرقة:

هذا من عمل الشيطان وليس بربنا ولا نؤمن به ولا نصدق، وأشرب فرقة في قلوبهم الصدق بما قال السامري في العجل، وأعلنوا التكذيب به، فقال لهم هارون: يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قالوا: فما بال موسى وعدنا ثلاثين يوما ثم أخلفنا، هذه أربعون يوما قد مضت، وقال سفهاؤهم أخطأ ربه فهو يطلبه يتبعه، فلما كلم الله موسى وقال له ما قال أخبره بما لقي قومه من بعده فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً فقال لهم ما سمعتم في القرآن، وأخذ برأس أخيه يجره إليه وألقى الألواح من الغضب، ثم إنه عذر أخاه بعذره، واستغفر له، وانصرف إلى السامري فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ وفطنت لها وعميت عليكم. فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً. ولو كان إلها لم يخلص إلى ذلك منه، فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة، واغتبط الذي كان رأيهم فيه مثل رأي هارون، فقالوا لجماعتهم: يا موسى سل لنا ربك أن يفتح لنا باب توبة نصنعها، فيكفر عنا ما عملنا، فاختار موسى قومه سبعين رجلا لذلك لا يألوا الخير، خيار بني إسرائيل، ومن لم يشرك في العجل، فانطلق بهم يسأل لهم التوبة، فرجفت بهم الأرض فاستحيا نبي الله من قومه، ومن وفده حين فعل بهم ما فعل فقال رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا وفيهم من كان الله اطلع منه على ما أشرب قلبه من حب العجل، وإيمانه به، فلذلك رجفت بهم الأرض فقال وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ

يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ

فقال:

يا رب سألتك التوبة لقومي فقلت إن رحمتي كتبتها لقوم غير قومي، هلا أخرتني حتى تخرجني في أمة ذلك الرجل المرحومة، فقال له: إن توبتهم أن كل رجل منهم من لقي من والد وولد فيقتله بالسيف، ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن، وتاب أولئك الذين كان خفي علي موسى وهارون، واطلع الله من ذنوبهم فاعترفوا بها، وفعلوا ما أمروا به، وغفر الله للقاتل والمقتول، ثم سار بهم موسى عليه السلام متوجها نحو الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>