رعاية خاصة، نأخذ ذلك من الحديث «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله» إذ في رواية صحيحة عن معاذ «وهم في الشام» فليثق العاملون في هذه الأرض بربهم، وليضاعفوا جهودهم
ج- من فهم النسفي للآية، ومن نصوص تصلح مؤكدة لهذا الفهم فإن الآية تبشر من اجتمعت له صفة الصلاح أن يرث الشام، وعلى هذا فمتى قامت جماعة لها هذه السمة فلها هذه البلاد ولنعد إلى أصل الموضوع.
فبعد الآية السابقة جاء قوله تعالى إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ فهل اسم الإشارة (هذا) يعود على ما ورد في الآية السابقة من البشارة أو يعود على القرآن كله؟ اتجاهان. ونفهم من ذلك أن الاتصاف بالعبادة شرط للاكتفاء بكتاب الله، أو شرط تحقق البشارة فلن يرث المسلمون الأرض كلها، أو بلاد الشام منها، إلا بالعبادة، ولن يجد إنسان في القرآن كفاية له عن سواه إلا إذا كان عابدا.
١١ - مظاهر كون رسولنا عليه الصلاة السلام رحمة للعالمين كثيرة منها:
أن الله رفع عذاب الاستئصال الكلي للكافرين بعده مع أن الكافرين أمة الدعوة له، ومنها أن الله جعل في دينه سعادة الدنيا لمن أقامه، لما في هذا الدين من سعة ويسر وحق وعدل وخلاص من المشكلات والقلق والحيرة والاضطراب، وجعل فيه سعادة الآخرة
ومما ذكره ابن كثير عند هذه الآية: وقال مسلم في صحيحه ... عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله: ادع على المشركين قال «إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة» وفي الحديث الآخر «وإنما أنا رحمة مهداة» ..
وروى أبو القاسم الطبراني .. عن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قال أبو جهل حين قدم مكة منصرفه عن خمرة يا معشر قريش إن محمدا نزل يثرب وأرسل طلائعه، وإنما يريد أن يصيب منكم شيئا، فاحذروا أن تمروا طريقه أو تقاربوه، فإنه كالأسد الضاري، إنه حنق عليكم لأنكم نفيتموه نفي القردان عن المناسم، والله إن له لسحرة ما رأيته قط ولا أحدا من أصحابه إلا رأيت معهم الشياطين، وإنكم قد عرفتم عداوة ابني قيلة- يعني الأوس والخزرج- فهو عدو استعان بعدو، فقال له مطعم بن عدي: يا أبا الحكم، والله ما رأيت أحدا أصدق لسانا، ولا أصدق موعدا، من أخيكم الذي طردتم، وإذ فعلتم الذي فعلتم فكونوا أكف الناس عنه، قال أبو سفيان بن الحارث: