للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكتوبة في التوراة والزبور.

قال ابن كثير: (وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أخبر الله سبحانه وتعالى في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السموات والأرض، أن يورث أمة محمد

صلى الله عليه وسلم الأرض ويدخلهم الجنة وهم الصالحون)

ولقد رجعت إلى ما يسمونه (المزامير) فوجدت: في المزمور السابع والثلاثين لداود (والذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض ... أما الدعاة فيرثون الأرض ويتلذذون في كثرة السلامة) (لأن المباركين منه يرثون الأرض) (الصديقون يرثون الأرض ويسكنونها إلى الأبد) والظاهر من كلام ابن عباس أن المراد بالأرض أرضنا، وأن هذه عدة من الله وبشارة لهذه الأمة، وعلى هذا تكون الآية مبشرة لهذه الأمة بإرث العالم كله وهو شئ سيأتي إن شاء الله، وتكون الآية تشبه قوله تعالى هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* واقرأ ما ذكرناه عن هذه الآية، واقرأ ما كتبناه في كتابنا (جند الله ثقافة وأخلاقا) حول هذا الموضوع وهو يفيد أن في الآية والأحاديث التي تفصلها أن دولة الإسلام العالمية لا بد قائمة وأن ذلك سيكون قبل نزول المسيح، لا كما يفهم بعضهم، وعند تحقق ذلك يكون زمن الإرث.

وللنسفي اتجاه في تفسير (الأرض) في الآية وأن المراد بها أرض الشام وكأنه أخذها من كون التوراة بشرت بني إسرائيل بالشام عند ما يكونون صالحين، والزبور خطاب لبني إسرائيل في أرض الشام، وكون الرسول عليه الصلاة والسلام تحدث كثيرا عن الشام، وأنها أرض الإسلام إلى قيام الساعة، وذلك وجه قوي، ويكون في الآية بشارة لمسلمي الشام في كل العصور أنهم إذا كانوا صالحين فالأرض لهم، وإن فسدوا سلط عليهم، والمراد بالشام هنا الشام الكبيرة، أي سوريا وفلسطين ولبنان والأردن في تقسيمات يومنا هذا وبناء على هذا القول نقول:

أ- إن ميزان الخيرية في المسلمين في العالم هو الشام لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح «إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم» ومن ثم فالعمل للإسلام في بلاد الشام خدمة للمسلمين والإسلام في الأرض كلها.

ب- لله تعالى في أهل الشام سنة وهي أن من حمل دينه فيه بصدق فإن الله يرعاه

<<  <  ج: ص:  >  >>