للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينكم، فخاب وخسر وشقي عبد أخرجه الله من رحمته، وحرم جنة عرضها السماوات والأرض، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر هذا اليوم وخافه، وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير، وخوفا بأمان، ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين، وسيكون من بعدكم الباقين، حتى تردون إلى خير الوارثين؟ ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عزّ وجل، قد قضى نحبه وانقضى أجله، حتى يغيبوه في صدع من الأرض، في بطن صدع غير ممهد ولا موسد، قد فارق الأحباب وباشر التراب وواجه الحساب، مرتهن بعمله غني عما ترك، فقير إلى ما قدم، فاتقوا الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم، ثم جعل طرف ردائه على وجهه فبكى وأبكى من حوله. وقال ابن أبي حاتم إن رجلا مصابا مر به على عبد الله بن مسعود فقرأ في أذنه هذه الآية أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ. فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ....

حتى ختم السورة، فبرأ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بماذا قرأت في أذنه؟ «فأخبره فقال له «إنها إذا قرئت في أذنه أحرقته، أي أحرقت الشيطان» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال» وروى أبو نعيم عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا نحن أمسينا وأصبحنا أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ قال فقرأناها فغنمنا وسلمنا. وروى ابن أبي حاتم أيضا عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أمان أمتي من الغرق إذا ركبوا السفينةبسم الله الملك الحق، وما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عما يشركون، بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم».

٦ - وبمناسبة قوله تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ قال ابن كثير: قال قتادة: ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل «ما تعبد؟» قال أعبد الله، وكذا وكذا، حتى عد أصناما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأيهم إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك؟» قال: الله عزّ

وجل. قال «فأيهم إذا كانت لك حاجة فدعوته أعطاكها؟» قال: الله عزّ وجل. وقال: «فما يحملك على أن تعبد هؤلاء معه أم حسبت أن تغلب عليه» قال: أردت شكره بعبادة هؤلاء معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعلمون ولا يعلمون» فقال الرجل بعد ما أسلم: لقيت رجلا خصمني. هذا مرسل من هذا الوجه، وقد رواه أبو عيسى

<<  <  ج: ص:  >  >>