للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن محور السورة هو يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ومن ثم نلاحظ أن السورة قد عرضت لأحكام في الإسلام:

حد الزنا، وحد القذف، واللعان، وأحكام الاستئذان وآدابه، وأحكام العورة، وغض البصر، وإنكاح الأيامى، ومكاتبة الرقيق، وآداب الدخول إلى البيوت المسكونة وغير المسكونة، وإباحة الأكل من بيوت دوائر معينة، وبعض آداب الاجتماعات في الإسلام، وبعض آداب ينبغي أن تراعى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكل هذا يدخل في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وقد جاء في السورة قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ كما ذكرت كثيرا من نماذج اتباع خطوات الشيطان. وذلك واضح الصلة مع قوله تعالى وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وفي السورة بيان لما ينبغي فعله إذا حدثت أنواع من الزلل، وبيان لأنواع من الزلل. فالسورة إذن تعالج الزلل إذا وقع، ومن خلال هذه المعالجة نتعرف على اسمي الله العزيز والحكيم، إذ نتعرف على أن الله عزيز من خلال الأحكام، ومن خلال العقوبات، ونتعرف على اسم الله الحكيم في كل ما شرع، ولذلك صلة بقوله تعالى فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.

والآن فلنتذكر شيئا قلناه من قبل: قلنا: إن هناك صلة بين آيات المحاور في سورة البقرة ولو تباعدت هذه الآيات، ما دامت محاور لمجموعة سور، وكنموذج على ذلك هذه الصلة بين أواخر آيات محور سورة المؤمنون وما ذكرنا أنه محور سورة النور:

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (البقرة: ٢٨، ٢٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (البقرة: ٢٠٨، ٢٠٩).

فبعد إقامة الحجة والتذكير بالنعم يؤمر المؤمنون بالدخول في الإسلام كله. إن المعاني التي عرضت في السورة، وطريقة العرض، وتسلسل المعاني وتنوعها تدل على الإعجاز

<<  <  ج: ص:  >  >>