٢ - وقال الألوسي عند قوله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً الآية (ويكسر شهوته بالصوم للحديث، وكونه يثير الحرارة والشهوة إنما هو بابتدائه فإن لم تنكسر به تزوج، ولا يكسرها بنحو كافور فيكره بل يحرم على الرجل والمرأة إن أدى إلى اليأس من النسل، وقول جمع: إن الحديث يدل على حل قطع العاجز الباءة بالأدوية مردود، على أن الأدوية خطيرة، وقد استعمل قوم الكافور فأورثهم عللا مزمنة، ثم أرادوا الاحتيال لعود الباءة بالأدوية الثمينة فلم تنفعهم).
أقول: أما إذا كانت الأدوية تخفف من حدة الشهوة ولا تؤدي إلى قطع النسل فلا بأس باستعمالها للرجل أو للمرأة، ثم إذا كان الزوج أو الزوجة في غيبة عن الآخر فلكل منهما استعمال الأدوية المهدأة التي لا تقطع النسل.
٣ - بمناسبة الكلام عن المكاتبين في الآيات يقول الأستاذ المودودي في تفسيره لسورة النور: (ومما يجدر بنا ذكره بهذه المناسبة أن الأرقاء في الزمن القديم كانوا على ثلاثة أنواع: ١ - أسارى الحرب، و ٢ - الأحرار الذين كانوا يؤخذون ويسترقون ظلما فيباعون، و ٣ - الذين كانوا في الرق كابرا عن كابر، ولا يعرف متى كان آباؤهم قد استرقوا، ومن أي النوعين رقهم. فلما جاء الإسلام، كان المجتمع الإسلامي في بلاد العرب وغيرها من أقطار العالم ممتلئا بالأرقاء من هذه الأنواع الثلاثة، وعليهم تقريبا كان يعتمد النظام الاقتصادي والاجتماعي في سيره أكثر مما كان يعتمد على الخدمة والأجراء.
فالإسلام واجهته في مثل هذا الوضع مسألتان: الأولى هي مشكلة الأرقاء الذين كانوا موجودين في المجتمع إذ ذاك، والثانية هي حل مشكلة الرق في المستقبل. فجوابا عن المسألة الأولى ما ألغى الإسلام دفعة واحدة حقوق الملكية التي كانت للناس على أرقائهم منذ الزمان القديم، لأنه لو فعل ذلك، لما عطل نظام البلاد الاقتصادي والاجتماعي بأسره فحسب، بل لجر البلاد- أيضا- إلى حرب داخلية مدمرة مثل الحرب التي ظهرت في البلاد الأميركية لما أقدمت على إلغاء نظام الرق، بل لظلت القضية على ظهور هذه الحرب بدون حل، كما بقيت قضية ذل الزنوج (Negros) بدون حل في أميركا.
فأعرض الإسلام عن هذا الطريق الخاطئ للإصلاح، وقام في البلاد بحركة شاملة قوية