للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باطن الإثم قال الله تعالى وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ (الأنعام: ١٢٠) وقال تعالى قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ (الأعراف: ٣٣) وقال تعالى وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (الأعراف: ٢٨).

وليس بين أئمة الدين نزاع في أن هذا ليس بمستحب، كما أنه ليس بواجب، فمن جعله ممدوحا وأثنى عليه فقد خرج عن إجماع المسلمين واليهود والنصارى، بل وعما عليه عقلاء بني آدم من جميع الأمم، وهو ممن اتبع هواه بغير هدى من الله وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (القصص: ٥٠) وقال تعالى وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (النازعات: ٤٠) وقال تعالى وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (سورة ص:

٢٦).

وأما من نظر إلى المردان ظانا أنه ينظر إلى مظاهر الجمال الإلهي، وجعل هذا طريقا إلى الله، كما يفعله طوائف من المدعين للمعرفة، فقوله هذا أعظم كفرا من قول عباد الأصنام، ومن كفر قوم لوط، فهؤلاء من شر الزنادقة المرتدين الذين يجب قتلهم بإجماع كل أمة، فإن عباد الأصنام قالوا إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، وهؤلاء يجعلون الله سبحانه موجودا في نفس الأصنام وحالا فيها، فإنهم لا يريدون بظهوره وتجليه في المخلوقات أنها أدلة عليه، وآيات له، بل يريدون أنه سبحانه ظهر فيها وتجلى فيها، ويشبهون ذلك بظهور الماء في الصوفة، والزبد في اللبن والزيت في الزيتون والدهن في السمسم، ونحو ذلك مما يقضي حلول نفس ذاته في مخلوقاته أو اتحاده فيها، فيقولون في جميع المخلوقات نظير ما قاله النصارى في المسيح خاصة، ثم يجلون المردان مظاهر الجمال، فيقرون هذا الشرك الأعظم طريقا إلى استحلال الفواحش بل استحلال كل محرم، كما قيل لأفضل مشايخهم ... إذا كان قولكم بأن الوجود واحد هو الحق، فما الفرق بين أمي وأختي وبنتي، حتى يكون هذا حلالا وهذا حراما؟، قال:

الجميع عندنا سواء، لكن هؤلاء المحجوبون قالوا حرام فقلنا حرام عليكم.

ومن هؤلاء الحلولية والاتحادية من يخص الحلول والاتحاد ببعض الأشخاص. إما ببعض الأنبياء كالمسيح، أو بعض الصحابة، كقول الغالية في علي أو ببعض الشيوخ

<<  <  ج: ص:  >  >>