للوجوب فيما إذا كان الأكل لقوام البنية. وللندب كما إذا كان لمؤانسة الضيف. وللإباحة فيما عدا ذلك). قال القرطبي:
(وسمي الحلال حلالا، لانحلال عقدة الحظر عنه. قال سهل بن عبد الله: النجاة في ثلاثة: أكل الحلال، وأداء الفرائض، والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم). وقال أبو عبد الله الساجي- واسمه سعيد بن يزيد-: (خمس خصال بها تمام العلم، وهي: معرفة الله عزّ وجل، ومعرفة الحق، وإخلاص العمل لله، والعمل على السنة، وأكل الحلال. فإن فقدت واحدة لم يرفع العمل. قال سهل: ولا يصح أكل الحلال إلا بالعلم، ولا يكون المال حلالا حتى يصفو من ست خصال: الربا، والحرام، والسحت، والغلول، والمكروه، والشبهة).
٢ - ذكرنا في المثل الذي ضربه الله للكافرين الاتجاه الذي يقول: إن المراد به أن هؤلاء الكافرين إذا دعوا إلى الحق لا يفهمون ولا يستجيبون، لأنهم كالأنعام لا تسمع إلا صيحة الراعي، ولا تفهم معناها. وهناك اتجاه آخر في تفسير المثل نقل فيه القرطبي من جملة ما نقل كلام ابن زيد في شرحه فقال:(وقال ابن زيد: المعنى: مثل الذين كفروا في دعائهم الآلهة الجماد كمثل الصائح في جوف الليل. فيجيبه الصدى، فهو يصيح بما لا يسمع، ويجيبه ما لا حقيقة فيه ولا منتفع).
٣ - إنما: في اللغة العربية تفيد الحصر. فعند ما ذكر الله عزّ وجل المحرمات الثلاثة:
الميتة والخنزير وما أهل به لغير الله بعد (إنما) فهم بعضهم من ذلك أن المحرمات من المأكولات هذه الثلاثة حصرا، وقد ناقش بعضهم في الحصر وهو موضوع سيأتي فيما بعد. وإنما ذكرنا هذا هنا للإشارة إلى أن الأمر محل بحث عند العلماء.
٤ - ذكرنا أثناء التفسير أن معنى قوله تعالى: وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ أي ما ذبح على غير اسم الله، وعلى هذا الاتجاه فإن ما ذبح على اسم المسيح مثلا، لا يجوز أكله ولو كان الذابح نصرانيا. وهناك اتجاه في تفسير الآية أن المراد بها ما ذبح لغير الله، من صنم وغيره. ويبنون على ذلك أن ما ذبح على غير اسم الله إذا كان ذابحه نصرانيا يجوز أكله.
من هؤلاء: عطاء ومكحول، والشعبي، والحسن، وسعيد بن المسيب. قال الألوسي عن هؤلاء:(وأباحوا ذبيحة النصراني إذا سمى عليها باسم المسيح)(وهذا خلاف ما اتفق عليه الأئمة من التحريم). أقول: هذا إذا تأكدنا أن الذابح ذكر اسم المسيح، وعلى كل الأحوال فالأمر ليس محل اتفاق كما رأينا.