٥ - في قصة آدم رأينا أن الخطوة الأولى للشيطان كانت معصية الأمر في السجود لآدم وكان سبب ذلك: الكبر. ورأينا أن أبانا آدم نهي عن أكل الشجرة، فأكل هو وزوجته عليهما السلام، فعوقبا. وكان ما وقعا فيه أثرا عن وسوسة الشيطان. فخطوات الشيطان مخالفة للأمر، أو دعوة لمخالفة نهى. وبداية البدايات في اتباع خطوات
الشيطان هي: الكبر. والكبر فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه «غمط الناس وبطر الحق». ومجئ ذكر المحرمات من الأطعمة في سياق النهي عن اتباع خطوات الشيطان فيه تذكير لنا بألا نقع في مخالفة النهي. فإن أبانا آدم قد عوقب على ذلك.
٦ - في غير شريعتنا عوقبت بعض الأمم بتحريم بعض الطيبات عليها. قال تعالى (في سورة النساء): فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ أما في شريعتنا فقد أحلت لنا الطيبات كلها. قال تعالى عن رسولنا صلى الله عليه وسلم فى سورة الأعراف: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ ومن هنا ندرك أنه لم يحرم على هذه الأمة شئ إلا وهو من باب الخبائث التي تستقذرها النفس المستقيمة الفطرة. إنه كما أن البول والغائط نجسان ومستقذران وتستخبثهما كل نفس، فكذلك الخمر والخنزير والميتة والدم المسفوح.
ولو أن نفسا لم تستقذر البول والغائط وأقبلت عليهما في الأحوال العادية فإنها لا تدلل إلا على فساد فطرتها. فكذلك من يقبل على أكل الخنزير أو الدم المسفوح أو الميتة، إنما يدلل على فساد فطرته، فضلا عن مجاوزته حدود الله الذي له حق التحريم والتحليل، لأنه المالك. فإذا حرم مع كثرة العطاء، فما على الإنسان إلا أن يلتزم.
٧ - الحكمة الأولى فى تحريم الدم المسفوح أو الميتة أو ما أهل به لغير الله. أو الخنزير هي النجاسة. أولا: فقد حكم الله على هذه الأشياء بالنجاسة. وأمر النجاسة والطهارة في الأصل أمر تعبدي. تعبدنا به الله خالقنا ورازقنا ومالك كل شئ. وما علينا إلا التسليم.
- ولا مانع بعد التسليم أن يفتش الإنسان عن حكمة التحليل والتحريم. فإن فعل الله وتشريعه لا ينفكان عن الحكمة، فالله تعالى حكيم. وعلينا أن لا نفهم الحكمة على أنها الضرر الجسمي وحده. فإنه من حيث الظاهر لا فارق بين ذبيحة المجوسي أو الملحد، وبين ذبيحة المسلم، فالحكمة ينبغي أن ينظر إليها بمنظار أوسع. فمثلا: قد يكون السر في تحريم الخنزير أن من يأكله يصبح تركيبه النفسي غير مستقيم مع الفطرة. فمن