المعروف أن للتغذية تأثيرها على تركيب نفس الإنسان. فهذا دواء يجعل الإنسان مستريح الأعصاب. وهذا دواء يجعل عند الإنسان استعدادا للغضب، ومن المشهور أن أكل لحم الخنزير يوجد عند صاحبه بلادة في شأن العرض، ولذلك فإن البلدان التي يكثر أهلها من أكل لحم الخنزير لا تهتم كثيرا بقضية الأعراض.
- إن تحريم بعض الأمور قد تكون الحكمة فيه إبقاء التركيب الفطري للإنسان على سلامته. إن الحيوان يشترك مع الإنسان في أن له حياة، فلماذا يزهق الإنسان روح الحيوان؟. إن الله الذي خلق الحياة أجاز للإنسان أن يذبح بعض الحيوانات وأن يأكلها. وشرط لذلك شروطا. من جملتها أن يكون الذبح على اسمه، وأن يكون الذابح ذا اعتقاد خاص. وأن يكون الذبح على طريقة معينة.
فإذا لم تتوفر مثل هذه الشروط فإن الله الذي خلق الحياة لا يبيح لك أن تأكل، فإذا أكلت أكلت بدون إذن صاحب الحق. وتأثير ذلك على التركيب النفسي للإنسان واضح.
وإذن فمن خلال نظرة شاملة يتم البحث عن الحكمة. فقد تكون حكمة التحريم الضرر الجسمي فقط كتحريم السم الضار، وقد تكون حكمة التحريم الضرر الجسمي والعقلي والنفسي، كما هو الشأن في الخمر، فعلينا أن نتنبه لذلك.
- في موضوع الميتة والدم واضح أن هناك ضررا جسميا زيادة على أنهما نجسان ومستقذران لدى النفس المستقيمة، وفي موضوع الخنزير: تذكر الدودة الشريطية.
وهي تختلف عن الدودة نفسها في البقر بأكثر من عشرة فروق تجعلها أكثر خطرا، وتذكر أنواع من الديدان أخرى تسبب إصابات للإنسان كنت ذكرتها في الفصل الرابع من كتاب (الإسلام)، ولكن السر في التحريم أوسع من مثل هذا. إنه يكمن في نجاسة الخنزير، وقذارته. ويكمن في تأثيرات لحمه على التركيب الكلي للإنسان.
وللبحث تتمة. وإن الإنسان لا زال يكتشف. وفي كل ما كشفه الإنسان حجة لهذا الإسلام.
٨ - يجئ قوله تعالى: إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ ... بعد قوله تعالى:
وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ بيانا لوجوب الانتهاء عن اتباعه، ولظهور عدواته.
فكأنه تعالى قال: لا تتبعوا خطوات الشيطان لأنه يأمركم بالسوء والفحشاء، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.
قال قتادة والسدي في قوله تعالى: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ: (كل