أخته لابنة فرعون: هل أذهب وأدعوا لك امرأة مرضعة من العبرانيات لترضع لك الولد، فقالت لها ابنة فرعون: اذهبي فذهبت الفتاة ودعت أم الولد فقالت لها ابنة فرعون اذهبي بهذا الولد وأرضعيه لي وأنا أعطي أجرتك، فأخذت المرأة الولد وأرضعته ولما كبر الولد إلى ابنة فرعون فصار لها ابنا ودعت اسمه موسى وقالت إني أنتشلته من الماء).
هذا كل ما ذكرته التوراة عن هذا الموضوع. ونلاحظ أن ما ذكره القرآن على اختصاره هو الذي يعطينا التصور الأكمل للموضوع بدقائقه كلها، ويعطينا تفسيرات
شاملة، مما يدل على أن هذا القرآن من عند الله، وما خالفه فهو الباطل.
٢ - نلاحظ أن الله عزّ وجل أكرم أم موسى بإرجاع ولدها إليها مع الرزق الحسن قال ابن كثير:(فرجعت أم موسى بولدها راضية مرضية قد أبدلها الله بعد خوفها أمنا في عز وجاه ورزق دار، ولهذا جاء في الحديث:«مثل الذي يعمل ويحتسب في صنعته الخير كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها» ولم يكن بين الشدة والفرج إلا القليل يوم وليلة أو نحوه والله أعلم، فسبحان من بيده الأمر، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، الذي يجعل لمن اتقاه بعد كل هم فرجا، وبعد كل ضيق مخرجا). قال النسفي:(وإنما حل لها ما تأخذه من الدينار كل يوم- كما قال السدي- لأنه مال حربي، لا أنه أجرة على إرضاع ولدها).
٣ - يسمي العلماء اللام في قوله تعالى: لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً لام العاقبة. قال النسفي. أي ليصير الأمر إلى ذلك لا أنهم أخذوه لهذا، كقولهم للموت:
ما تلده الوالدة وهي لم تلد لأن يموت ولدها ولكن المصير إلى ذلك كذا قاله الزجاج وعن هذا قال المفسرون: إن هذه لام العاقبة والصيرورة. وقال صاحب الكشاف هي لام كي التي معناها التعليل، كقولك: جئتك لتكرمني ولكن معنى التعليل فيها وارد على طريق المجاز؛ لأن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله وهو الإكرام الذي هو نتيجة المجيء).
وقال ابن كثير:(قال محمد بن إسحاق وغيره اللام هنا لام العاقبة لا لام التعليل، لأنهم لم يريدوا بالتقاطه ذلك، ولا شك أن ظاهر اللفظ يقتضي ما قالوه، ولكن إذا نظر إلى معنى السياق فإنه تبقى اللام للتعليل، لأن معناه أن الله تعالى قيضهم لالتقاطه ليجعله عدوا لهم وحزنا فيكون أبلغ في إبطال حذرهم منه).