٤ - قال الحنفية:(والاعتكاف ثلاثة أقسام. أولا: واجب، وهو الاعتكاف المنذور ثانيا: سنة مؤكدة في العشر الأواخر من رمضان. وهو سنة كفاية. إذا قام به البعض سقط العتاب عن الباقين. ثالثا: مستحب في غيره من الأزمنة) ويبطل الاعتكاف المنذور بالوطء ولو خارج المسجد. ويبطل بالإنزال بدواعيه عامدا أو ناسيا. ثم المراد بالمباشرة المنهي عنها في الآية للمعتكف ما قاله ابن كثير:«إنما هو الجماع ودواعيه، من تقبيل، ومعانقة، ونحو ذلك. فأما معاطاة الشئ ونحوه فلا بأس به. فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلى رأسه فأرجله، وأنا حائض. وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان».
٥ - قال ابن كثير: ومن جعله تعالى الفجر غاية لإباحة الجماع والطعام والشراب أي في قوله: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لمن أراد الصيام. يستدل على أنه من أصبح جنبا فليغتسل، وليتم صومه، ولا حرج عليه. وهذا مذهب الأئمة الأربعة، وجمهور العلماء سلفا وخلفا. لما رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أنهما قالتا:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يغتسل ويصوم» وفي حديث أم سلمة عندهما «ثم لا يفطر ولا يقضي».
٦ - وقع بعض المؤلفين، وبعض العلماء السابقين في خطأ كبير: إذ أجازوا الأكل بعد طلوع الفجر. إما بفهم خاطئ للتبين في الآية، وإما بحمل بعض الآثار على غير محملها، وإما بسبب عدم النظر الدقيق إلى عامة النصوص، وإما بفهم خاطئ للنصوص. ومهما كان الأمر، فالذي عليه إجماع العلماء خلال العصور المتطاولة هو عدم حل الأكل بعد الفجر. ومن الأسباب التي دعت بعضهم للوقوع في الخطأ ورود لفظ الفجر المستطيل والمستطير في الأفق. فظنوا أن المستطير هو ما بعد الفجر المعروف. والحقيقة أن الفجر المستطيل هو الفجر الكاذب. وهو الذي يكون عادة قبل الفجر المعروف بحوالي خمس عشرة دقيقة، وهو ليس فجرا أصلا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الفجر فجران. فالذي كأنه ذنب السرحان لا يحرم شيئا.
وإنما المستطير الذي يأخذ الأفق. فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام». قال ابن كثير:
وهذا مرسل جيد. وقال صلى الله عليه وسلم:«لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل. ولكنه الفجر المستطير في الأفق». وقد ورد في الصحيحين عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعكم أذان بلال من سحوركم، فإنه ينادي بليل. فكلوا