والنهي، وإحاطة الأمر بكل ما يلزمه من معان، وتكرار المعنى اللازم تكراره بأكثر من طريقة عرض.
وفي الوقت نفسه فقد كانت السورة تدليلا على أنّ هذا القرآن منزل من عند الله، إذ هي نموذج لمجموعة خصائص من خصائص هذا القرآن ذكرت في السورة، وكل خصيصة من هذه الخصائص برهان كامل على أن هذا القرآن من عند الله.
رأينا أنّ السورة تتألف من مقدّمة ومقطعين يبدأ المقطع الأول بقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وقد سار المقطع بعد ذلك مبينا الحق في أمور كثيرة، وراسما طريق العبادة الخالصة لله.
وقد سار المقطع الثاني مبينا الحق في أمور، وسار في طريق تفصيل أن الله عزّ وجل هو الوكيل، وذكر مظاهر من كونه هو الوكيل، وبين كيف أن من اهتدى فإنما نفع هدايته عائد عليه، ومن ضلّ فإنما وبال ضلاله عليه.
وتحدّث المقطعان عن واجبات المنزل عليه القرآن، من عبادة وتبليغ، فحدّدا للرسول صلّى الله عليه وسلم كثيرا من القضايا التي عليه أن يبلغها أو يقولها، ومن ذلك
قوله تعالى أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ فهناك قراءة هي «أمن» على أنّ الهمزة للنّداء، والمنادى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فعلى هذه القراءة تكون الآية أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ أي:
يا محمد المتصف بالقيام والرجاء والخوف قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ومن ثم نجد في السورة الأمر (قل) يتكرّر كثيرا.