ورأينا أنّ السورة ذكرت خصائص ستا للقرآن: أنه أحسن الحديث، وأنه متشابه.
وأنّه مثان، وأنّه في أعلى درجات التبشير والإنذار، وأنه ضرب للناس من كل مثل، وأنه غير ذي عوج.
وكانت السورة نموذجا واضحا على كون هذا القرآن كذلك.
ورأينا بأكثر من دليل أن السورة محورها قوله تعالى من سورة البقرة الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ولذلك ذكر في أكثر من مكان في السورة أن هذا القرآن من عند الله، وكان هذا الموضوع من الوضوح والتأكيد بحيث ذكر في المقدمة، وذكر في مقدمتي المقطعين، ورأينا من خلال ذكر خصائص القرآن كيف أن هذا القرآن من عند الله، لا شك في ذلك ولا ريب، ورأينا في السورة عاقبة اهتداء المتقين بهذا القرآن، وعاقبة نكوص الكافرين عن الاهتداء به بأشكال متعددة، ورأينا علامات الاهتداء به، وعلامات الضلال عنه في مثل قوله تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ....
ورأينا في السورة أن نقطة البداية في الاهتداء بهذا القرآن هي العبادة، والعبادة فهم وسلوك وعلم وعمل، وقد وضّحت السورة هذه المعاني كلها، كما ذكرت كل الأشياء اللازمة للتحقق بالهداية، وكل الأشياء التي تحول دون الهداية كالكذب والكفر والكبر، كما فتحت الطريق للهداية ولو أن الإنسان كان غارقا في الذنوب.
وهكذا نجد أنّ السورة فصّلت في محورها من سورة البقرة تفصيلا جديدا فأتمّت البناء، فهذا المحور فصّلت فيه سورة آل عمران، وفصّلت فيه سورة يونس، وفصّلت فيه سورة طه، وفصّلت فيه سورة الزمر، وكلّ سورة فصّلت في المحور تفصيلا يكمّل تفصيل السور الأخرى، هذا مع احتفاظ السورة بسياقها الخاص، واحتفاظ كل مقطع منها وكل مجموعة بوحدتهما، وكل ذلك يظهر على كماله وتمامه، وذلك شأن عجيب في هذا القرآن، يدلّك على أن هذا القرآن من عند الله عزّ وجل.