بني عدي بن كعب أحد يمنعني. وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها.
ولكني أدلك على رجل أعزّ بها مني. عثمان بن عفان. فدعا رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وأنه إنما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته. قال ابن إسحاق: فخرج عثمان إلى مكة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص، حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها؛ فحمله بين يديه، ثم أجاره حتى بلّغ رسالة رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش، فبلّغهم عن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- ما أرسله به؛ فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- إليهم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف. فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- واحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل. قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر، أن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- قال: حين بلغه أن عثمان قد قتل-: «لا نبرح حتى نناجز القوم». فدعا رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- الناس إلى البيعة، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة. فكان الناس يقولون بايعهم رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- على الموت. وكان جابر بن عبد الله يقول: إن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- لم يبايعنا على الموت، ولكن بايعنا على ألا نفر. فبايع رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- الناس، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة. فكان جابر بن عبد الله يقول: والله لكأني انظر إليه لاصقا بإبط ناقته قد ضبأ إليها (أي: لصق بها)، يستتر بها من الناس. ثم أتى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل. قال ابن هشام: وحدثني من أثق به، عمن حدثه بإسناد له، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عمر، أن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بايع لعثمان، فضرب بإحدى يديه على الأخرى. قال ابن إسحاق: قال الزهري: ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو أخا بني عامر بن لؤي إلى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وقالوا له: ايت محمدا فصالحه، ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فو الله لا تحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبدا. فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- مقبلا قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل». فلما انتهى سهيل بن عمرو إلى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- تكلم فأطال الكلام.
وتراجعا. ثم جرى بينهما الصلح. فلما التأم الأمر، ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر، فقال: يا أبا بكر، أليس برسول الله؟ قال: بلى! قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى! قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى! قال: فعلام نعطي