ننكشف عنه؟ قال: من هذا يا محمد؟ قال:«هذا ابن أبي قحافة». قال: أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها. ولكن هذه بها. قال: ثم جعل يتناول لحية رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وهو يكلمه. قال: والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- في الحديد. قال: فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- ويقول:
اكفف يدك عن وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل أن لا تصل إليك قال: فيقول عروة:
ويحك! ما أفظّك وأغلظك! قال: فتبسم رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فقال له عروة: من هذا يا محمد؟ قال:«هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة». قال: أي غدر (١). وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس؟ قال ابن هشام: أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا من بني مالك من ثقيف؛ فتهايج الحيان من ثقيف: بنو مالك رهط المقتولين. والأحلاف رهط المغيرة. فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية. وأصلح ذلك الأمر. قال ابن إسحاق: قال الزهري: فكلمه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بنحو مما كلم أصحابه، وأخبره أنه لم يأت يريد حربا. فقام من عند رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وقد رأى ما يصنع به أصحابه: لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه، ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شئ إلا أخذوه. فرجع إلى قريش فقال:
يا معشر قريش، إني جئت كسرى في ملكه، وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه؛ وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه؛ ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشئ أبدا. فروا رأيكم. قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم، أن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- دعا خراش بن أمية الخزاعي فبعثه إلى قريش بمكة، وحمله على بعير له يقال له: الثعلب. ليبلّغ أشرافهم عنه ما جاء له. فعقروا به جمل رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وأرادوا قتله، فمنعته الأحابيش، فخلوا سبيله حتى جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال ابن إسحاق: وحدثني بعض من لا أتهم، عن عكرمة مولى ابن عباس (عن ابن عباس) أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم- أو خمسين رجلا- وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا. فأخذوا أخذا، فأتي بهم رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فعفا عنهم، وخلى سبيلهم. وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بالحجارة والنبل. ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلّغ عنه أشراف قريش ما جاء له. فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي، وليس بمكة من