للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اليوم بعد سنة، بينما لا تزيد كميته في الأيام الأولى على بضع أوقيات. ولا يقف الإعجاز عند كمية اللبن التي تزيد على حسب زيادة الطفل؛ بل إن تركيب اللبن كذلك تتغير مكوناته، وتتركز مواده، فهو يكاد يكون ماء به القليل من النشويات والسكريات في أول الأمر، ثم تتركز مكوناته فتزيد نسبته النشوية والسكرية والدهنية

فترة بعد أخرى، بل يوما بعد يوم بما يوافق أنسجة وأجهزة الطفل المستمر النمو) (١).

وتتبع الأجهزة المختلفة في تكوين الإنسان، ووظائفها، وطريقة عملها، ودور كل منها في المحافظة على حياته وصحته ... يكشف عن العجب العجاب في دقة التقدير وكمال التدبير. ويرينا يد الله وهي تدبر أمر كل فرد. بل كل عضو. بل كل خلية من خلاياه. وعين الله عليه تكلؤه وترعاه. ولن نستطيع هنا أن نفصل هذه العجائب فنكتفي بإشارة سريعة إلى التقدير الدقيق في جهاز واحد من هذه الأجهزة: جهاز الغدد الصم «تلك المعامل الكيماوية الصغيرة التي تمد الجسم بالتركيبات الكيماوية الضرورية، والتي يبلغ من قوتها أن جزءا من ألف بليون جزء منها تحدث آثارا خطيرة في جسم الإنسان. وهي مرتبة بحيث إن إفراز كل غدة يكمل إفراز الغدة الأخرى. وكل ما كان يعرف عن هذه الإفرازات أنها معقدة التركيب تعقيدا مدهشا، وأن أي اختلال في إفرازها يسبب تلفا عاما في الجسم، يبلغ حد الخطورة. إذا دام هذا الاختلال وقتا قصيرا» (٢).

أما الحيوان فتختلف أجهزته باختلاف أنواعه وبيئاته وملابسات حياته ...

«زودت أفواه الآساد والنمور والذئاب والضباع، وكل الحيوانات الكاسرة التي تعيش في الفلاة، ولا غذاء لها إلا ما تفترسه من كائنات لا بد من مهاجمتها والتغلب عليها، بأنياب قاطعة، وأسنان حادة، وأضراس صلبة. ولما كانت في هجومها لا بد أن تستعمل عضلاتها، فلأرجلها عضلات قوية، سلحت بأظافر ومخالب حادة، وحوت معدتها الأحماض والأنزيمات الهاضمة للحوم والعظام» (٣).

فأما الحيوانات المجترة المستأنسة التي تعيش على المراعي، فهي تختلف فيما زودت به. «وقد صممت أجهزتها بما يتناسب مع البيئة، فأفواهها واسعة نسبيا؛ وقد


(١) من كتاب: الله والعلم الحديث للأستاذ عبد الرزاق نوفل ص ٤٧ - ٤٨.
(٢) المصدر السابق ص ٥١ - ٥٢.
(٣) المصدر السابق: ص ٧١ - ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>