للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجردت من الأنياب القوية والأضراس الصلبة. وبدلا منها توجد الأسنان التي تتميز بأنها قاصمة قاطعة؛ فهي تأكل الحشائش والنباتات بسرعة، وتبتلعها كذلك دفعة واحدة، حتى يمكنها أن تؤدي للإنسان ما خلقت لأجله من خدمات. وقد أوجدت العناية الخالقة لهذا الصنف أعجب أجهزة للهضم، فالطعام الذي تأكله ينزل إلى الكرش، وهو مخزن له، فإذا ما انتهى عمل الحيوان اليومي وجلس للراحة. يذهب الطعام إلى تجويف يسمى «القلنسوة». ثم يرجع إلى الفم، فيمضغ ثانية مضغا جيدا، حيث يذهب الطعام إلى تجويف ثالث يسمى «أم التلافيف»، ثم إلى رابع يسمى «الإنفحة» وكل هذه العملية الطويلة أعدت لحماية الحيوان، إذ كثيرا ما يكون هدفا لهجوم حيوانات كاسرة في المراعي، فوجب عليه أن يحصل على غذائه بسرعة ويختفي. ويقول العلم إن عملية الاجترار ضرورية بل حيوية، إذ أن العشب من النباتات العسرة الهضم، لما يحتويه من السليلوز الذي يغلف جميع الخلايا النباتية، ولهضمه يحتاج الحيوان إلى وقت طويل جدا، فلو لم يكن مجترا، وبمعدته مخزن خاص، لضاع وقت طويل في الرعي يكاد يكون يوما بأكمله دون أن يحصل الحيوان على كفايته من الغذاء، ولأجهد العضلات في عمليات التناول والمضغ، إنما سرعة الأكل، ثم تخزينه وإعادته بعد أن يصيب شيئا من التخمر؛ ليبدأ المضغ والطحن والبلع، تحقق كافة أغراض الحيوان من عمل وغذاء وحسن هضم. فسبحان المدبر» (١).

«والطيور الجارحة كالبوم والحدأة ذات منقار مقوس حاد على شكل خطاف لتمزيق اللحوم. بينما للإوز والبط مناقير عريضة منبسطة مفلطحة كالمغرفة، توائم البحث عن الغذاء في الطين والماء. وعلى جانب المنقار زوائد صغيرة كالأسنان لتساعد على قطع الحشائش.

«أما الدجاج والحمام وباقي الطيور التي تلتقط الحب من الأرض فمناقيرها قصيرة مدببة لتؤدي هذا الغرض. بينما منقار البجعة مثلا طويل طولا ملحوظا، ويمتد من أسفله كيس يشبه الجراب ليكون كشبكة الصياد. إذ أن السمك هو غذاء البجعة الأساسي».

«ومنقار الهدهد وأبو قردان طويل مدبب، أعد بإتقان للبحث عن الحشرات


(١) من كتاب الله والعلم الحديث للأستاذ عبد الرزاق نوفل: ص ٧٢ - ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>