للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصير إليها). ومن الأدلة على أنها صلاة العصر، ما رواه الإمام أحمد عن علي قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: «شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر.

ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا». ثم صلاها بين العشاءين: المغرب والعشاء. وروى مثله البخاري ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي .. وروى مسلم عن البراء بن عازب قال: نزلت: (حافظوا على الصلوات وصلاة العصر) فقرأناها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله. ثم نسخها الله عزّ وجل، فأنزل: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى. فقال له زاهر- رجل كان مع شقيق-: أفهي العصر؟.

قال: قد حدثتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله عزّ وجل). وفي ذكر الوسطى هنا معنى بليغ جدا. إذ هو أكبر رد على بعض طوائف الباطنية، التي تزعم أنه لم يفرض علينا إلا صلاتين. فإذا اعتبرنا أن الواو تقتضي المغايرة. فقد ثبتت الصلوات الخمس بهذا النص. إذ أقل عدد فرد، يكون له وسط. والطرفان جمع هو الخمس. وقد وردت آثار تؤكد الأمر بالمحافظة على العصر. ففي الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من فاتته صلاة العصر، فكأنما وتر أهله وماله» وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بكروا بالصلاة في يوم الغيم. فإنه من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله». وفي الحديث الصحيح: «إن هذه الصلاة عرضت على الذين من قبلكم فضيعوها. ألا من صلاها، ضعف له أجره مرتين. ألا ولا صلاة بعدها حتى تروا الشاهد».

٢ - روى الإمام أحمد، وغيره- والحديث صحيح- عن زيد بن أرقم قال: كان الرجل يكلم صاحبه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الحاجة في الصلاة، حتى نزلت هذه الآية:

وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ: فأمرنا بالسكوت. وفي الصحيح عن ابن مسعود قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن نهاجر إلى الحبشة وهو في الصلاة، فيرد علينا. فلما قدمنا، سلمت عليه، فلم يرد علي. فأخذني ما قرب، وما بعد. فلما سلم قال:

«إني لم أرد عليك إلا أني كنت في الصلاة، وإن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن ما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة». وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية بن الحكم السلمي حين تكلم في الصلاة: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس.

إنما هي التسبيح، والتكبير، وذكر الله». فهذه الأحاديث كلها تفسر قوله تعالى:

وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ.

٣ - فصل الله صلاة الخوف في سورة النساء. ولكن تلك الصلاة إذا لم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>