للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فذلك قوله: فَامْتَحِنُوهُنَّ وقال قتادة: كان امتحانهن أن يستحلفن بالله ما أخرجكن النشوز، وما أخرجكن إلا حب الإسلام وأهله، وحرص عليه، فإذا قلن ذلك قبل ذلك منهن، وقوله تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ فيه دلالة على أن الإيمان يمكن الاطلاع عليه يقينا).

٤ - بمناسبة قوله تعالى عن المؤمنات والمشركين: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ قال ابن كثير: (هذه الآية التي حرمت المسلمات على المشركين، وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة، وعلى هذا كان أمر أبي العاص ابن الربيع زوج ابنة النبي صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها، وقد كانت مسلمة وهو على دين قومه، فلما وقع في الأسارى يوم بدر بعثت امرأته زينب في فدائه بقلادة لها كانت لأمها خديجة، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال للمسلمين: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فافعلوا» ففعلوا فأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يبعث ابنته إليه فوفى له بذلك، وصدقه فيما وعده، وبعثها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زيد بن حارثة رضي الله عنه، فأقامت بالمدينة من بعد وقعة بدر، وكانت سنة اثنتين إلى أن أسلم زوجها أبو العاص بن الربيع سنة ثمان فردها عليه بالنكاح الأول، ولم يحدث لها صداقا، كما روى الإمام أحمد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على أبي العاص وكانت هجرتها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول، ولم يحدث شهادة ولا صداقا، ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ومنهم من يقول بعد سنتين وهو صحيح، لأن

إسلامه كان بعد تحريم المسلمات على المشركين بسنتين، وقال الترمذي ليس بإسناده بأس، ولا نعرف وجه هذا الحديث، ولعله جاء من حفظ داود ابن الحصين، وسمعت عبد بن حميد يقول: سمعت يزيد بن هارون يذكر عن ابن إسحاق هذا الحديث وحديث ابن الحجاج- يعني ابن أرطاة- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته على أبي العاص بن الربيع بمهر جديد ونكاح جديد، فقال يزيد: حديث ابن عباس أجود إسنادا، والعمل على حديث عمرو بن شعيب. (ثم قلت): وقد روى حديث الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وضعفه الإمام أحمد وغير واحد والله أعلم.

وأجاب الجمهور عن حديث ابن عباس بأن ذلك كان قضية عين تحتمل أنه لم تنقض عدتها منه؛ لأن الذي عليه الأكثرون أنها متى انقضت العدة ولم يسلم انفسخ

<<  <  ج: ص:  >  >>