هند؟» قالت: عفا الله عما سلف، فصرف عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
«ولا يزنين» فقالت: يا رسول الله وهل تزني امرأة حرة؟ قال:«لا والله ما تزني الحرة- قال- ولا يقتلن أولادهن» قالت هند: أنت قتلتهم يوم بدر فأنت وهم أبصر، قال: وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ قال:
وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قال: منعهن أن ينحن وكان أهل الجاهلية يمزقن الثياب ويخدشن الوجوه ويقطعن الشعور، ويدعون بالويل والثبور. وهذا أثر غريب وفي بعضه نكارة والله أعلم، فإن أبا سفيان وامرأته لما أسلما لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيفهما بل أظهر الصفاء والود لهما، وكذلك كان الأمر من جانبه عليه السلام لهما.
وقال مقاتل بن حيان: أنزلت هذه الآية يوم الفتح، بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال على الصفا، وعمر بايع النساء يحلفهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر بقيته كما تقدم وزاد:
فلما قال: ولا تقتلن أولادكن قالت هند: ربيناهم صغارا فقتلتموهم كبارا، فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى. رواه ابن أبي حاتم، وروى ابن أبي حاتم عن عائشة قالت: جاءت هند بنت عتبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبايعه فنظر إلى يدها فقال: «اذهبي فغيري يديك» فذهبت فغيرتها بحناء ثم جاءت فقال: «أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا» فبايعته وفي يدها سواران من ذهب فقالت: ما تقول في هذين السوارين فقال:
«جمرتان من نار جهنم». وروى ابن أبي حاتم ... عن عامر هو الشعبي قال: بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء وفي يده ثوب قد وضعه على كفه ثم قال: «ولا تقتلن أولادكن» فقالت امرأة: تقتل آباءهم وتوصينا بأولادهم؟ قال: وكان بعد ذلك إذا جاء النساء يبايعنه جمعهن فعرض عليهن فإذا أقررن رجعن فقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ أي: من جاءك منهن يبايع على هذه الشروط فبايعهن على أن لا يشركن بالله شيئا، ولا يسرقن أموال الناس الأجانب، فأما إذا كان الزوج مقصرا في نفقتها فلها أن تأكل من ماله بالمعروف ما جرت به عادة أمثالها، وإن كان من غير علمه عملا بحديث هند بنت عتبة أنها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني، فهل علي جناح إن أخذت من ماله بغير علمه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك» أخرجاه في الصحيحين، وقوله تعالى: وَلا يَزْنِينَ كقوله تعالى:
وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا وفي حديث سمرة ذكر عقوبة الزناة بالعذاب الأليم في نار الجحيم، وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: