جاءت فاطمة بنت عتبة تبايع الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عليها أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ الآية قال: فوضعت يدها على رأسها حياء فأعجبه ما رأى منها فقالت عائشة: أقري أيتها المرأة، فو الله ما بايعنا إلا على هذا، قالت فنعم إذا فبايعها بالآية، وروى ابن أبي حاتم عن عامر هو الشعبي قال: بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء وعلى يده ثوب قد وضعه على كفه ثم قال: «ولا تقتلن أولادكن». فقالت امرأة: تقتل آباءهم وتوصي بأولادهم؟ قال: وكان بعد ذلك إذا جاءت النساء يبايعنه جمعهن فعرض عليهن فإذا أقررن رجعن، وقوله تعالى: وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وهذا يشمل قتله بعد وجوده، كما كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الإملاق، ويعم قتله وهو جنين كما قد يفعله بعض الجهلة من النساء تطرح نفسها لئلا تحبل إما لغرض فاسد أو ما أشبهه.
وقوله تعالى: وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ قال ابن عباس: يعني لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم وكذا قال مقاتل. ويؤيد هذا الحديث الذي رواه أبو
داود عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة:«أيما امرأة أدخلت على قوم ما ليس منهم فليست من الله في شئ، ولن يدخلها الله الجنة، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رءوس الأولين والآخرين» وقوله تعالى: وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ يعني:
فيما أمرتهن به من معروف، ونهيتهن عنه من منكر. روى البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى: وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قال: إنما هو شرط شرطه الله للنساء.
وقال ميمون بن مهران لم يجعل الله طاعة لنبيه إلا في المعروف، والمعروف طاعة. وقال ابن زيد: أمر الله بطاعة رسوله وهو خيرة الله من خلقه في المعروف. وقد قال غيره عن ابن عباس وأنس بن مالك وسالم بن أبي الجعد وأبي صالح وغير واحد: نهاهن يومئذ عن النوح، وقد تقدم حديث أم عطية في ذلك أيضا. وروى ابن جرير عن قتادة في هذه الآية ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ عليهن النياحة، ولا تحدثن الرجال إلا رجلا منكن محرما، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله إن لنا أضيافا وإنا لنغيب عن نسائنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«ليس أولئك عنيت، ليس أولئك عنيت» وروى ابن أبي حاتم عن الحسن قال: كان فيما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ألا يحدثن الرجال إلا أن تكون ذات محرم، فإن الرجل لا يزال يحدث المرأة حتى يمذي بين فخذيه. وروى ابن جرير عن أم عطية الأنصارية قالت: كان فيما اشترط علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من