المعروف حين بايعناه أن لا ننوح، فقالت امرأة من بني فلان: إن بني فلان أسعدوني فلا حتى أجزيهم، فانطلقت فأسعدتهن ثم جاءت فبايعت قالت: فما وفى منهن غيرها، وغير أم سليم- ابنة ملحان أم أنس بن مالك- وقد روى البخاري هذا الحديث من طريق حفصة بنت سيرين عن أم عطية نسيبة الأنصارية رضي الله عنها. وقد روى نحوه من وجه آخر أيضا، فروى عن مصعب بن نوح الأنصاري قال: أدركت عجوزا لنا كانت فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فأتيته لأبايعه فأخذ علينا فيما أخذ أن «لا تنحن» فقالت عجوز: يا رسول الله إن أناسا قد كانوا أسعدوني على مصائب أصابتني، وأنهم قد أصابتهم مصيبة فأنا أريد أن أسعدهم، قال:«فانطلقي فكافئيهم» فانطلقت فكافأتهم ثم إنها أتته فبايعته وقال: هو المعروف الذي قال الله عزّ وجل:
وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ وروى ابن أبي حاتم عن أسيد بن أبي أسيد البزار عن امرأة من المبايعات قالت: كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نعصيه في معروف وأن لا نخمش وجها ولا ننشر شعرا، ولا نشق جيبا، ولا ندعو ويلا، وروى ابن جرير عن أم عطية قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع نساء الأنصار في بيت، ثم أرسل إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقام على الباب وسلم علينا فرددن أو فرددنا عليه السلام ثم قال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن قالت: فقلنا مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله، فقال: تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئا، ولا تسرقن، ولا تزنين، قالت: فقلنا نعم، قالت: فمد يده من خارج الباب أو البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت ثم قال: اللهم اشهد، قالت: وأمرنا في العيدين أن نخرج فيه الحيض والعواتق ولا جمعة علينا، ونهانا عن اتباع الجنائز، قال إسماعيل فسألت جدتي- هي أم عطية- عن قوله تعالى: وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قالت: النياحة.
وفي الصحيحين من طريق الأعمش ... عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» وفي الصحيحين أيضا عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة. وروى الحافظ أبو يعلى عن أبي مالك الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت- وقال- النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» ورواه مسلم في صحيحه وعن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة، رواه أبو داود.