للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغيب، وهذا معنى قول النسفي: فإن فيهم أي في المنجمين من يصدق خبره، كما لو كان له صلة بعالم الجن فيخبرونه عن وقائع حادثة.

١٠ - بمناسبة قوله تعالى: لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ قال ابن كثير: (وقد اختلف المفسرون في الضمير في قوله (ليعلم) إلى من يعود؟ فقيل إنه عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم. روى ابن جرير ... عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قال: أربعة حفظة من الملائكة مع جبريل لِيَعْلَمَ محمد صلى الله عليه وسلم أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ورواه ابن أبي حاتم من حديث يعقوب القمي به. وهكذا رواه الضحاك والسدي ويزيد ابن أبي حبيب. وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ قال: ليعلم نبي الله أن الرسل قد بلغت عن الله، وأن الملائكة حفظتها ورفعتها عن الله، وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة واختاره ابن جرير، وقيل غير ذلك، كما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قال: هي معقبات من الملائكة يحفظون النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان، حتى يتبين الذين أرسل إليهم وذلك حين يقول؛ ليعلم أهل الشرك أن قد أبلغوا رسالات ربهم. وكذا قال ابن أبي نجيح عن مجاهد لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ قال: ليعلم من كذب الرسل أن قد أبلغوا رسالات ربهم وفي هذا نظر. وقال البغوي: قرأ يعقوب (ليعلم) بالضم أي: ليعلم الناس أن الرسل قد بلغوا، ويحتمل أن يكون الضمير عائدا إلى الله عزّ وجل وهو قول حكاه ابن الجوزي في زاد المسير، ويكون المعنى في ذلك أنه يحفظ رسله بملائكته ليتمكنوا من أداء رسالاته، ويحفظ ما ينزله إليهم من الوحي ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم، ويكون ذلك كقوله تعالى: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وكقوله تعالى: وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ إلى أمثال ذلك من العلم بأنه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها قطعا لا محالة؛ ولهذا قال بعد هذا:

وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً).

<<  <  ج: ص:  >  >>