٤ - نلاحظ من خلال ما مر معنا في المجموعة السابقة أن السورة عند ما تفصل في محور من المحاور قد تفصل في كلمة من آية، وقد تفصل في المضمون المباشر للمحور، وقد تفصل في المضمون غير المباشر، وقد تفصل فيما يقابل المضمون ليتضح المضمون، وأن المجموعة وهي تفصل قطاعا من معاني سورة البقرة على ترتيب معين تبقى في ترابطها مع بعضها، تشكل كلا متكاملا يخدم بعضه بعضا ويبني بعضه على بعض.
٥ - إن مما تراه بوضوح في القرآن أنك تجد الخطاب القرآني مظهرا للعزة الإلهية، ومظهرا للربوبية الكاملة، فهو مثلا عند ما يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبه خطابا تظهر فيه عزة الربوبية، وعبودية المربوب، وهو موضوع يحسه كل عاقل يتأمل في هذا القرآن وإنك لتجد المجموعة السابقة نموذجا كاملا على هذا الموضوع، وهذا وحده كاف ليعرف المنصف أن هذا القرآن من عند الله عزّ وجل، إن مما تراه بشكل واضح في هذا القرآن أنه خال من كل مظهر من مظاهر الضعف البشري الذي لا بد أن يظهر في كل أثر من آثار البشر، إن في الأسلوب أو في التعبير، أو في المعاني، فعلم البشر ما دام غير محيط بالزمان والمكان، والكون، والإنسان، ومفردات اللغة وطرق تركيبها، وأساليب العرض التي لا تتناهى، إن الإنسان ما دام غير محيط بهذا كله أو ببعضه، فإن آثار ذلك لا بد ظاهرة في كل أثر يصدر عنه، فإن تجد النص القرآني خاليا من القصور فذلك وحده دليل على أنه من عند الله، فليتفطن قارئ القرآن لهذا، تأمل السور الست التي مرت معنا كيف أن لكل واحدة منها جرسا وأسلوبا وبداية ونهاية، وتجد في كل واحدة منها من المعاني ما لا يمكن أن يصدر شئ منه من بشر، ألا إن هذا القرآن لا يكفر به إلا جاهل أو غبي أو عديم الذوق اللغوي أو متكبر أعمى الكبر قلبه، فلم يعد يرى شيئا.
٦ - جرينا في تدارسنا للقرآن مع إخواننا أن نقرأ السورة أو القدر الذي نريد تدارسه ثم نتعرف على مفردات السورة، ثم نقف عند الأوامر والنواهي، ثم نقف وقفة عند الأحكام الفقهية إن كان في السورة آيات أحكام، ثم نبحث عن الأخلاق التي تعرضت لها السورة، أخلاق كافرين أو منافقين أو متقين، فنقف عندها الوقفات الطوال، فكنا نخرج من السورة أو من المكان الذي تمت فيه المذاكرة بالكثير من العلم والعمل، ثم نتواصى بالجانب العملي، ولم يمنعنا أن نعرض هذا التفسير على هذه الشاكلة