الساجي. أو الفجر الوليد. أو الظل المديد. أو البحر العباب. أو الصحراء المنسابة.
أو الروض البهيج. أو الطلعة البهية. أو القلب النبيل. أو الإيمان الواثق. أو الصبر الجميل ... إلى آخر مطالع الجمال في هذا الوجود ... فتغمرها النشوة، وتفيض بالسعادة، وترف بأجنحة من نور في عوالم مجنحة طليقة. وتتوارى عنها أشواك الحياة، ما فيها من ألم وقبح، وثقلة طين وعرامة لحم ودم، وصراع شهوات وأهواء.
فكيف؟ كيف بها وهي تنظر- لا إلى جمال صنع الله- ولكن إلى جمال ذات الله؟
ألا إنه مقام يحتاج أولا إلى مد من الله. ويحتاج ثانيا إلى تثبيت من الله. ليملك الإنسان نفسه، فيثبت، ويستمتع بالسعادة، التي لا يحيط بها وصف، ولا يتصور حقيقتها إدراك! وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ.
وما لها لا تتنضر؛ وهي إلى جمال ربها تنظر؟
إن الإنسان لينظر إلى شئ من صنع الله في الأرض. من طلعة بهية، أو زهرة ندية، أو جناح رفاف، أو روح نبيل، أو فعل جميل. فإذا السعادة تفيض من قلبه على ملامحه، فيبدو فيها الوضاءة والنضارة. فكيف بها حين تنظر إلى جمال الكمال.
مطلقا من كل ما في الوجود من شواغل عن السعادة بالجمال؟ فما تبلغ الكينونة الإنسانية ذلك المقام، إلا وقد خلصت من كل شائبة تصدها عن بلوغ ذلك المرتقى الذي يعز على الخيال! كل شائبة لا فيما حولها فقط، ولكن فيها هي ذاتها من دواعي النقص والحاجة إلى شئ ما سوى النظر إلى الله ... ).
٦ - بمناسبة قوله تعالى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى * ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى قال ابن كثير: (وروى أبو عبد الله النسائي عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى * ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى؟ قال: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهل ثم أنزله الله عزّ وجل).
٧ - بمناسبة قوله تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً قال صاحب الظلال: (فلقد كانت الحياة في نظر القوم حركة لا علة لها ولا هدف ولا غاية ...
أرحام تدفع وقبور تبلع ... وبين هاتين لهو ولعب، وزينة وتفاخر، ومتاع قريب من متاع الحيوان ... فأما أن يكون هناك ناموس، وراءه هدف، ووراء الهدف حكمة؛ وأن يكون قدوم الإنسان إلى هذه الحياة وفق قدر يجري إلى غاية مقدرة، وأن ينتهي إلى