للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه فأكون أول من يدعى، وجبريل عن يمين الرحمن، والله ما رآه قبلها، فأقول: يا رب إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي فيقول الله عزّ وجل: صدق، ثم أشفع فأقول: يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض قال: وهو المقام المحمود»).

٢ - وبمناسبة قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ قال ابن كثير: (أي: إنك ساع إلى ربك سعيا وعامل عملا فَمُلاقِيهِ ثم إنك ستلقى ما عملت من خير أو شر. ويشهد لذلك ما رواه أبو داود الطيالسي عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال جبريل: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه» ومن الناس من يعيد الضمير على قوله ربك أي: فملاق ربك ومعناه: فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك، وعلى هذا فكلا القولين متلازم).

وقال صاحب الظلال بمناسبة هذه الآية: (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ .. الذي خلقه ربه بإحسان، والذي ميزه بهذه (الإنسانية) التي تفرده في هذا الكون بخصائص كان من شأنها أن يكون أعرف بربه، وأطوع لأمره من الأرض والسماء. وقد نفخ فيه من روحه، وأودعه القدرة على الاتصال به، وتلقي قبس من نوره، والفرح باستقبال فيوضاته، والتطهر بها، أو الارتفاع إلى غير حد، حتى يبلغ الكمال المقدر لجنسه، وآفاق هذا الكمال عالية بعيدة!

يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ .. يا أيها الإنسان إنك تقطع رحلة حياتك على الأرض كدحا، تحمل عبئك، وتجهد جهدك، وتشق طريقك .. لتصل في النهاية إلى ربك. فإليه المرجع وإليه المآب. بعد الكد والكدح والجهاد ..

يا أيها الإنسان .. إنك كادح حتى في متاعك .. فأنت لا تبلغه في هذه الأرض إلا بجهد وكد. إن لم يكن جهد بدن وكد عمل، فهو جهد تفكير وكد مشاعر. الواجد والمحروم سواء. إنما يختلف نوع الكدح ولون العناء. وحقيقة الكدح هي المستقرة في حياة الإنسان .. ثم النهاية في آخر المطاف إلى الله سواء.

يا أيها الإنسان .. إنك لا تجد الراحة في الأرض أبدا. إنما الراحة هناك. لمن يقدم لها

<<  <  ج: ص:  >  >>