للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استحالة إذن في تصور المسلم أن يكون فيما حرمه الله شئ لا تقوم الحياة البشرية ولا تتقدم بدونه. وأن يكون هناك شئ خبيث هو حتمي لقيام الحياة ورقيها .. وإنما هو سوء التصور، وسوء الفهم والدعاية المسمومة الخبيثة الطاغية التي دأبت أجيالا على بث فكرة: أن الربا ضرورة للنمو الاقتصادي والعمراني، وأن النظام الربوي هو النظام الطبيعي. وبث هذا التصور الخادع في مناهل الثقافة العامة، ومنابع المعرفة الإنسانية في مشارق الأرض ومغاربها .. ثم قيام الحياة الحديثة على هذا الأساس فعلا بسعي بيوت المال والمرابين. وصعوبة تصور قيامها على أساس آخر. وهي صعوبة تنشأ أولا من عدم الإيمان. كما تنشأ ثانيا من ضعف التفكير وعجزه عن التحرر من ذلك الوهم الذي اجتهد المرابون في بثه وتمكينه بما لهم من قدرة على التوجيه، وملكية للنفوذ داخل الحكومات العالمية، وملكية لأدوات الإعلام العامة والخاصة.

والحقيقة الثامنة: أن استحالة قيام الاقتصاد العالمي اليوم وغدا على أساس غير الأساس الربوي .. ليست سوى خرافة، أو هي أكذوبة ضخمة تعيش لأن الأجهزة التي يستخدمها أصحاب المصلحة في بقائها أجهزة ضخمة فعلا! وأنه حين تصح النية، وتعزم البشرية- أو تعزم الأمم المسلمة- أن تسترد حريتها من قبضة العصابات الربوية العالمية، وتريد لنفسها الخير والسعادة والبركة، مع نظافة الخلق وطهارة المجتمع، فإن المجال مفتوح لإقامة النظام الآخر الرشيد، الذي أراده الله للبشرية، والذي طبق فعلا، ونمت الحياة في ظله فعلا، وما تزال قابلة للنمو تحت إشرافه وفي ظلاله، لو عقل الناس ورشدوا!!.

وليس هناك مجال تفصيل القول في كيفيات التطبيق ووسائله .. فحسبنا هذه الإشارات المجملة. وقد تبين أن شناعة العملية الربوية ليست ضرورة من ضرورات الحياة

الاقتصادية، وأن الإنسانية التي انحرفت عن النهج قديما حتى ردها الإسلام إليه، هي الإنسانية التي تنحرف اليوم الانحراف ذاته، ولا تفيء إلى النهج القويم الرحيم السليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>