وشعوره تجاه أخيه في الجماعة، وإلا أن يفسد حياة الجماعة البشرية وتضامنها بما يبثه من روح الشر، والطمع والأثرة والمخاتلة والمقامرة بصفة عامة. أما في العصر الحديث فإنه يعد الدافع الأول لتوجيه رأس المال إلى أحط وجوه الاستثمار. كي يستطيع رأس المال المستدان بالربا أن يربح ربحا مضمونا، فيؤدي الفائدة الربوية ويفضل منه شئ للمستدين، ومن ثم فهو الدافع المباشر لاستثمار المال في الأفلام القذرة والصحافة القذرة، والمراقص والملاهي والرقيق الأبيض وسائر الحرف والاتجاهات التي تحطم أخلاق البشرية تحطيما .. والمال المستدان بالربا ليس همه أن ينشئ أنفع المشروعات للبشرية، بل همه أن ينشئ أكثرها ربحا. ولو كان الربح إنما يجئ من استثارة أحط الغرائز وأقذر الميول .. وهذا هو المشاهد اليوم في أنحاء الأرض. وسببه الأول هو التعامل الربوي!! ..
والحقيقة الخامسة: أن الإسلام نظام متكامل. فهو حين يحرم التعامل الربوي يقيم نظمه كلها على أساس الاستغناء عن الحاجة إليه، وينظم جوانب الحياة الاجتماعية بحيث تنتفي منها الحاجة إلى هذا النوع من التعامل، بدون مساس بالنمو الاقتصادي والاجتماعي والإنساني المطرد.
والحقيقة السادسة: أن الإسلام- حين يتاح له أن ينظم الحياة وفق تصوره ومنهجه الخاص- لن يحتاج عند إلغاء التعامل الربوي؛ إلى إلغاء المؤسسات والأجهزة لنمو الحياة الاقتصادية العصرية نموها الطبيعي السليم. ولكنه فقط سيطهرها من لوثة الربا ودنسه.
ثم يتركها تعمل وفق قواعد أخرى سليمة. وفى أول هذه المؤسسات والأجهزة:
المصارف والشركات وما إليها من مؤسسات الاقتصاد الحديث.
والحقيقة السابعة:- وهي الأهم- ضرورة اعتقاد من يريد أن يكون مسلما بأن هناك استحالة اعتقادية في أن يحرم الله أمرا لا تقوم الحياة البشرية ولا تتقدم بدونه! كما أن هناك استحالة اعتقادية كذلك في أن يكون هناك أمر خبيث ويكون في نفس الوقت ذاته حتميا لقيام الحياة وتقدمها .. فالله سبحانه هو خالق هذه الحياة، وهو مستخلف الإنسان فيها، وهو الآمر بتنميتها وترقيتها؛ وهو المريد لهذا كله الموفق إليه. فهناك