لوحة متناسقة الأبعاد والاتجاهات! على طريقة القرآن في عرض المشاهد، وفي التعبير بالتصوير على وجه الإجمال).
٤ - بمناسبة قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ قال ابن كثير: (روى الإمام أحمد عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عزّ وجل» ثم قرأ: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ وهكذا رواه مسلم في كتاب الإيمان، والترمذي، والنسائي في كتاب التفسير من سننيهما من حديث سفيان بن سعيد الثوري به بهذه الزيادة. وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من رواية أبي هريرة بدون ذكر هذه الآية).
وبمناسبة هذه الآية قال صاحب الظلال:(لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ .. فأنت لا تملك من أمر قلوبهم شيئا. حتى تقهرها وتقسرها على الإيمان. فالقلوب بين أصابع الرحمن، لا يقدر عليها إنسان.
فأما الجهاد الذي كتب بعد ذلك فلم يكن لحمل الناس على الإيمان. إنما كان لإزالة العقبات من وجه الدعوة لتبلغ إلى الناس. فلا يمنعوا من سماعها. ولا يفتنوا عن دينهم إذا سمعوها. كان لإزالة العقبات من طريق التذكير. الدور الوحيد الذي يملكه الرسول.
وهذا الإيحاء بأن ليس للرسول من أمر هذه الدعوة شئ إلا التذكير والبلاغ يتكرر في القرآن لأسباب شتى. في أولها إعفاء أعصاب الرسول من حمل هم الدعوة بعد البلاغ، وتركها لقدر الله يفعل بها ما يشاء. فإلحاح الرغبة البشرية بانتصار دعوة الخير وتناول الناس لهذا الخير، إلحاح عنيف جدا يحتاج إلى هذا الإيحاء المتكرر بإخراج الداعية لنفسه ولرغائبه هذه من مجال الدعوة، كي ينطلق إلى أدائها كائنة ما كانت الاستجابة، وكائنة ما كانت العاقبة. فلا يعني نفسه بهم من آمن وهم من كفر. ولا يشغل باله بهذا الهم الثقيل حين تسوء الأحوال من حول الدعوة، وتقل الاستجابة، ويكثر المعرضون والمخاصمون).
٥ - بمناسبة قوله تعالى: إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ* فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ قال ابن كثير: (روى الإمام أحمد عن علي بن خالد أن أبا أمامة الباهلي مر على خالد بن