وقد جاء القسم الأول في سورة آل عمران يفصل تفصيلا أوليا في هذا النص. ثم بعد ذلك جاء في مقدمة سورة البقرة قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ.
ونلاحظ أن القسم الثاني من سورة آل عمران فصل في بعض ذلك فأعطانا صفحة من صفحات الإيمان بالغيب. ثم جاء بعد هذا في مقدمة سورة البقرة قوله تعالى:
ويأتي هذا القسم ليحاور أهل الكتاب من أجل أن يؤمنوا بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء في مقدمة سورة البقرة كلام عما يقابل التقوى والمتقين، وهو الكفر والكافرين إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. وقد رأينا في القسمين السابقين كيف يتعاقب الكلام عن الإيمان والكفر، ونلاحظ أنه في هذا القسم قد جاء: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ.
وفي مقدمة سورة البقرة يأتي كلام عن المنافقين، وفي معرض الحوار مع أهل الكتاب هنا يأتي ذكر خطة من خطط اليهود: وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ وهكذا نجد كيف أن سورة آل عمران تفصل في مقدمة سورة البقرة، وامتدادات معانيها في نفس السورة، ولكن مع ذاتية خاصة للسورة، وسياق خاص بها، وترابط خاص بين معانيها.
فمن قبل هذا القسم الذي هو حوار شامل مع أهل الكتاب في شئون كثيرة، جاء القسم الأول والثاني ممهدين لهذا الحوار. القسم الأول: قرر وحدانية الله وقيوميته، وعزته، وحكمته، وأن الدين عنده الإسلام. والقسم الثاني: بين الحق في شأن عيسى عليه السلام، وهو أخطر انحراف وقع فيه أهل الكتاب. ثم يجئ القسم الثالث ليفتح الحوار الشامل مع أهل الكتاب على ضوء التمهيدين السابقين. فقبل أن يقول هذا القسم: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ جاءت خاتمة القسم الثاني تقول: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَ