عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وأبي العالية:«أنه الإخلاص لله تعالى وحده».
وعن الحسن:«أنه طاعة الله- عزّ وجل-» وعن ابن زيد «أنه الإسلام». وعن قتادة: أنه عهد الله تعالى وأمره وكلها متقاربة» اهـ.
٣ - وبمناسبة قوله تعالى: وَلا تَفَرَّقُوا نذكر الحديث الذي رواه الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم. ويسخط لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» قال ابن كثير: وقد ضمنت لهم العصمة، (أي للمسلمين) - عند اتفاقهم- من الخطأ كما وردت بذلك الأحاديث المتعددة أيضا، وخيف عليهم الافتراق، والاختلاف، فقد وقع ذلك في هذه الأمة فافترقوا على ثلاث وسبعين فرقة، منها فرقة ناجية إلى الجنة، ومسلمة من عذاب النار، وهم الذين على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
٤ - وبمناسبة قوله تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ قال ابن كثير: وقد امتن عليهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قسم غنائم حنين فعتب من عتب منهم، بما فضل عليهم في القسمة بما أراه الله، فخطبهم فقال:«يا معشر الأنصار: ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي». فكلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن».
٥ - وقد ذكر محمد بن إسحاق وغيره: أن هذه الآية وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً .... نزلت في شأن الأوس والخزرج، وذلك أن رجلا من اليهود مر بملإ من الأوس والخزرج، فساءه ما هم عليه من الاتفاق والألفة، فبعث رجلا معه، وأمره أن يجلس بينهم، ويذكرهم ما كان من حروبهم يوم بعاث، وتلك الحروب، ففعل، فلم يزل ذلك دأبه حتى حميت نفوس القوم، وغضب بعضهم على بعض وتثاوروا، ونادوا بشعارهم وطلبوا أسلحتهم، وتواعدوا إلى الحرة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاهم، فجعل يسكنهم ويقول:«أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، وتلا عليهم هذه الآية. فندموا على ما كان منهم، واصطلحوا، وتعانقوا، وألقوا السلاح». وذكر النسفي أن هذا سبب نزول الآيتين قبلها إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ....
ولا يبعد أن كل هذه الآيات الأربع نزلت بهذه المناسبة.