للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصنائع والحرف فلا شك أن ذلك من نعم الله تعالى التي يطلب من العبد شكرها كما قال الحليمي في «شعب الإيمان»، لكن كان المناسب على هذا أن يقال: اختلاف الناس رحمة، إذ لا خصوصية لأمة بذلك؛ فإن كل الأمم مختلفون في الصنائع، والحرف، لا هذه الأمة فقط، فلا بد لتخصيص الأمة من وجه، ووجهه إمام الحرمين بأن المراتب والمناصب التي أعطيتها أمته صلى الله عليه وسلم لم تعطها أمة من الأمم؛ فهي من رحمة الله تعالى لهم، وفضله عليهم لكنه لا يسبق من لفظ الاختلاف إلى ذلك ولا إلى الصنائع والحرف، فالحق الإبقاء على الظاهر المتبادر وتأويل الخبر بما تقدم.

هذه خلاصة كلامه أي (السبكي)، ولا يخفى أنه مما لا بأس به، نعم كون الحديث ليس معروفا عند المحدثين أصلا لا يخلو عن شئ، فقد عزاه الزركشي في الأحاديث المشتهرة إلى «كتاب الحجة» لنصر المقدسي، ولم يذكر سنده ولا صحته، لكن ما ورد يقويه في الجملة مما نقل من كلام السلف والحديث الذي أوردناه قبل وإن رواه الطبري، والبيهقي في المدخل بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على أنه يكفي في هذا الباب الحديث الذي أخرجه الشيخان وغيرهما، فالحق الذي لا محيد عنه أن المراد اختلاف الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ومن شاركهم في الاجتهاد، كالمجتهدين المعتد بهم من علماء الدين، الذين ليسوا بمبتدعين، وكون ذلك رحمة لضعفاء الأمة، ومن ليس في درجتهم مما لا ينبغي أن ينتطح فيه كبشان ولا يتنازع فيه اثنان فليفهم». ا. هـ كلام الألوسي.

٩ - وبمناسبة قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ننقل بعض الأحاديث:

أ- في الحديث الحسن الذي رواه الترمذي وغيره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أنتم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله عزّ وجل».

ب- روى الإمام أحمد: قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال: يا رسول الله أي الناس خير؟ قال: «خير الناس أقراهم، وأتقاهم لله، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر، وأوصلهم للرحم».

ح- روى الإمام مسلم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>