للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقطع الثالث يصحح مفاهيم وتصورات، ولذلك فإن كل فقرة من فقراته تبدأ إما بقوله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ أو وَلا يَحْسَبَنَّ والمقطع الرابع يوجد في سياقه الرئيسي تقريران: تقرير في حق أهل الإيمان، وتقرير في حق من آمن من أهل الكتاب.

وتنتهي السورة بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

رأينا في هذا القسم صلة المقطع الثاني بالأول، والمقطع الثالث امتداد للأول، فالآيات الأولى منه امتداد لما قبلها مباشرة، والمقطع كله امتداد للمقطع السابق عليه، فقد سبق مباشرة بقوله تعالى: الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا ...

وجاء المقطع الثالث مبدوءا بقوله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً ...

ثم إن المقطع الثاني بدأ بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا ....

وهذا المقطع يبدأ بنفس المضمون، ويستمر بتصحيح تصورات يتبناها الكافرون أو يقولون بها. ويأتي المقطع الرابع ليعرض علينا صفحة من حال أهل الإيمان، سواء سبق لهم أن كانوا مؤمنين بكتاب أو لا، وتنتهي السورة بالأمر بالصبر والمصابرة، والمرابطة والتقوى. وكل ذلك قد جاء في سياق القسم المبدوء بقوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ* بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ* سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ.

فالمقاطع كلها تخدم فكرة عدم الطاعة للكافرين، وتؤكد ولاية الله للمؤمنين، وتعمق الصفات والخصائص التي ينبغي أن يكون عليها أهل الإيمان، ليستأهلوا وعد الله، ومن ذلك الصبر والمصابرة والمرابطة.

إن المقطع الثالث من حيث إنه تصحيح للتصورات التي يطرحها أهل الكفر، فإن صلته بمقدمة سورة البقرة- التي هي حديث عن المتقين والكافرين والمنافقين- لا

<<  <  ج: ص:  >  >>