للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخفى. وإن المقطع الرابع- الذي يتحدث عن حال المؤمنين عامة، وحال المؤمنين من أهل الكتاب خاصة لا تخفى صلته بمقدمة سورة البقرة. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ. على أنه يمكن أن يقول قائل: إن أي آية في القرآن يمكن أن يقال إن لها صلة بمقدمة سورة البقرة بشكل من الأشكال، وهذا صحيح لأن القرآن كله موضوع واحد. ولكنا نقول: إنه زيادة على هذه الوحدة الموضوعية، فهناك سور ألصق بموضوع بعينه، وسنرى كيف أن سورتي الأنفال وبراءة ألصق بموضوع القتال، وقل ذلك في كل سورة. فمن هذه الحيثية نقول: إن لكل سورة محورها من سورة البقرة، ومحور سورة آل عمران، هو مقدمة سورة البقرة وامتدادات معاني هذه المقدمة في السورة. ونظن أنه في النموذج التالي سيكتشف المنصف صدق ما نقول:

جاء في سورة البقرة قصة آدم عليه السلام، ثم مقطع بني إسرائيل، ثم قصة إبراهيم عليه السلام، ثم مقطع القبلة؛ ومن خلال الحوار مع بني إسرائيل وغيرهم، عرفنا وضع الكافرين ومواقفهم وقد انتهى مقطع القبلة في سورة البقرة بقوله تعالى: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ* فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ. ثم جاء أمر بالاستعانة بالصبر والصلاة، ونهي عن القول بأن الشهداء أموات، وإخبار بأن الابتلاءات، وأن علينا أن نعترف لله بالمالكية إذا ابتلينا وذلك في مقطع الصبر يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وفي هذا السياق جاء كلام عن كتمان ما أنزل الله إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى. ثم في هذا السياق جاء قوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ هذا كله جاء على تسلسل في مقطعين من سورة البقرة.

وفي سورة آل عمران نجد تفصيلا لهذا كله.

فلقد رأينا أن المقطع الثاني جاء في آخره قوله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>