للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلام بأنّ هذا الكتاب أثر عن دراسته ومدراسته، لا أثر عن نبوته والوحي إليه، وأما العالمون فيؤمنون، ويتضح لهم بهذا الإيمان الحقّ كله في كل شئ نتيجة هذا التصريف للآيات بمثل هذا البيان والكمال.

وبعد هذا البيان يأتي الآن أمر ونهي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولأمته من بعده.

أما الأمر فهو:

- أن عليه صلّى الله عليه وسلّم أن يتّبع ما أنزل الله عليه بالاقتداء به واقتفاء أثره والعمل به، وأن عليه أن يعرض عن المشركين بالعفو والصفح، واحتمال الأذى حتى يفتح الله ثم بيّن الله تعالى:

- أن لله حكمة في إضلال الضالّين، فإنّه لو شاء لهدى الناس جميعا، ولو شاء لجمعهم على الهدى، فله المشيئة والحكمة فيما يشاؤه ويختاره، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وإذا كان الأمر كذلك فالله وحده هو الحفيظ على أقوالهم وأفعالهم، وهو الوكيل على أمورهم وأرزاقهم، وليس محمّد صلّى الله عليه وسلّم بوكيل ولا بحفيظ بل هو مبلّغ فقط.

- ثمّ نهى الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتّب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسبّ إله المؤمنين، وهو لا إله إلا هو، يسبونه ظلما وجهلا، فمن أجل ألا يقع هذا فعلينا ألا نواجه المشركين بسبّ آلهتهم، ثمّ بيّن تعالى أنه كما زيّن لهؤلاء القوم حبّ أصنامهم والمحاماة لها والانتصار، كذلك زيّن لكل أمة ضالّة من الأمم الخالية عملهم الذي كانوا فيه، ولله الحجة البالغة والحكمة التامة فيما يشاؤه ويختاره، وإليه المعاد، وسوف يحاسب الجميع على أعمالهم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. وبهذا تنتهي الفقرة الأولى من المقطع.

وتأتي الآن فقرة أخرى على نفس السنن.

تلك مبدوءة ب: (وجعلوا) وهذه مبدوءة ب: (وأقسموا)

- يخبر الله تعالى عن المشركين والكافرين أنهم يحلفون الأيمان المؤكّدة لئن جاءتهم معجزة خارقة ليصدقنّها وهذا يفيد أنهّم يدّعون أنّ الآيات ليست كافية للإيمان، أو أنّها غير موجودة، وهذا كذب وافتراء وتعنّت منهم ولذلك فقد أمر الله رسوله أن يعلن

<<  <  ج: ص:  >  >>