للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمبدأ دوران الأرض بما لا يقبل الجدل، وكونها كذلك في الوقت الذي لم تستقر فيه البشرية على مبدأ الدوران إلا بعد قرون طويلة فذلك دليل على أن هذا الكتاب أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض وقد فصلنا ذلك في كتابنا «الرسول» صلى الله عليه وسلم من سلسلة الأصول الثلاثة، وخلاصة ما نقوله هنا: إن فقه اللغة يفرض علينا أن يكون الطالب في قوله تعالى يَطْلُبُهُ حَثِيثاً هو الليل ولو كانت الأرض ثابتة لكان النهار هو الذي يطلب الليل لأن المنبع الضوئي وقتذاك هو الطالب، أما والقرآن يذكر أن الليل هو الطالب فذلك لا يكون إلا إذا كانت الأرض هي الدائرة على محورها، ولا يفهم من ذلك أن الشمس ثابتة، إذ ليس في هذا الكون شئ إلا وهو في حالة حركة ما، فالشمس لها ثلاث حركات على ما قرره علماء الكون في عصرنا، وسيمر هذا معنا كثيرا، ولا تعني حركة الأرض ثبات الشمس. ولا حركة الشمس ثبات الأرض، بل الكل في فلك يسبحون على غاية الإتقان. فسبحان الله ما أعظمه.

٤ - وبمناسبة قوله تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ يذكر ابن كثير: (قال ابن جرير ... عن عبد العزيز الشامي عن أبيه- وكانت له صحبة- قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يحمد الله على ما عمل من عمل صالح وحمد نفسه فقد كفر وحبط عمله، ومن زعم أن الله جعل للعباد من الأمر شيئا فقد كفر بما أنزل الله على أنبيائه لقوله أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ وفي الدعاء المأثور عن أبي الدرداء وروي مرفوعا «اللهم لك الملك كله ولك الحمد كله وإليك يرجع الأمر كله، أسألك من الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله).

٥ - قال الألوسي في تفسير التسخير من قوله تعالى: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ (أي خلقهن حال كونهن مذللات تابعات لتصرفه سبحانه فهن بما شاء غير ممتنعات عليه جل شأنه، كأنهن مميزات أمرن فانقدن، فتسمية ذلك أمرا على سبيل التشبيه والاستعارة ويصح حمل الأمر على الإرادة كما قيل أي هذه الأجرام العظيمة والمخلوقات البديعة منقادة لإرادته).

٦ - وقال الألوسي: في شرح قوله تعالى تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ وفي مناسبة ذلك للآية بعدها ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً:

(وقال البيضاوي: المعني: تعالى بالوحدانية والألوهية وتعظم بالتفرد بالربوبية، وعلى هذا فهو ختام لوحظ فيه مطلعه، ثم إنه تعالى بعد أن بين التوحيد، وأخبر أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>