١٠ - وبمناسبة قوله تعالي: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا .. أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه هاهنا حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها طيف، فقالت يا رسول ادع الله أن يشفيني فقال:«إن شئت دعوت الله فشفاك وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك» فقالت بل أصبر ولا حساب علي. ورواه غير واحد من أهل السنن.
وعندهم قالت: يا رسول الله إني أصرع وأتكشف فادع الله أن يشفيني فقال: «إن شئت دعوت الله أن يشفيك وإن شئت صبرت ولك الجنة» فقالت: بل أصبر ولي الجنة. ولكن ادع الله أن لا أتكشف. فدعا لها فكانت لا تتكشف. وأخرجه الحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة عمرو بن جامع من تاريخه أن شابا كان يتعبد في المسجد فهويته امرأة فدعته إلى نفسها فما زالت به حتى كاد يدخل معها المنزل فذكر هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ فخر مغشيا عليه ثم أفاق فأعادها فمات، فجاء عمرو فعزى فيه أباه وكان قد دفن ليلا فذهب فصلى على قبره بمن معه ثم ناداه عمرو فقال يا فتى وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ فأجابه الفتى من داخل القبر يا عمرو قد أعطانيهما ربي عزّ وجل في الجنة مرتين.» ذكر هذه القصة ابن كثير فإن صحت فهي كرامة لعمرو أن يسمع صوت ميت
١١ - وعند قوله تعالى: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ يدور نقاش كثير بين العلماء حول ما نصت عليه، إذ استدل بها الحنفية على ما ذهبوا إليه أنه يكره للمأموم أن يقرأ وراء الإمام مطلقا. واستدل من ذهب إلى أن المأموم لا يقرأ وراء الإمام في الجهرية ويقرأ في السرية. وقد عرض ابن كثير وهو شافعي المذهب هذه الاتجاهات وغيرها في فهم الآية وأشعر بما يفيد أنه يرجح مذهب الشافعية في هذا الموضوع ولكل من الأئمة وجهة نظره التي تقوم عليها الأدلة، والأمر فيه سعة، وهذا كلام ابن كثير وهو شافعي ننقله مع حذف الأسانيد وكنا من قبل نقلنا كلام الألوسي من الحنفية: (لما ذكر تعالى أن القرآن بصائر للناس وهدى ورحمة، أمر تعالى بالإنصات عند تلاوته إعظاما له واحتراما، لا كما كان يعتمده كفار قريش المشركون في قولهم لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ الآية ولكن يتأكد ذلك في الصلاة المكتوبة إذا جهر الإمام بالقراءة كما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا اقرأ