قريش عند ذلك، فأمر رسول الله أصحابه أن يخرجوا إلى المدينة، وهي الفتنة الآخرة التي أخرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وخرج هو، وهي التي أنزل الله عزّ وجل فيها وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ...
٥ - وفي آية الغنائم كلام كثير نجتزئ منه الفقرات التالية:
أ- قال ابن كثير: والغنيمة: هي المال المأخوذ من الكفار بإيجاف الخيل والركاب.
والفئ: ما أخذ منهم بغير ذلك، كالأموال التي يصالحون عليها، أو يتوفون عنها، ولا وارث لهم، والجزية والخراج ونحو ذلك، هذا مذهب الإمام الشافعي في طائفة من علماء السلف والخلف، ومن العلماء من يطلق الفئ على ما تطلق عليه الغنيمة، وبالعكس أيضا. ولهذا ذهب قتادة إلى أن هذه الآية ناسخة لآية الحشر ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى الآية. قال: فنسخت آية الأنفال تلك، وجعلت الغنائم: أربعة أخماس للمجاهدين وخمسا منها لهؤلاء المذكورين، وهذا الذي قاله بعيد لأن هذه الآية نزلت بعد وقعة بدر، وتلك نزلت في بني النضير، ولا خلاف بين علماء السير والمغازي قاطبة أن بني النضير بعد بدر، وهذا أمر لا يشك فيه ولا يرتاب، فمن يفرق بين معنى الفئ والغنيمة يقول: تلك نزلت في أموال الفئ، وهذه في الغنائم، ومن يجعل أمر الغنائم والفئ راجعا إلى رأي الإمام يقول: لا منافاة بين آية الحشر وبين التخميس إذا رآه الإمام والله أعلم.
ب- اختلف المفسرون في قوله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ .. هل المراد بذكر لفظ الجلالة هنا أن يفرد سهم من الغنائم خاص للإنفاق على مثل الكعبة، أو أن ذكر لفظ الجلالة هنا للتبرك؟ الراجح أنه استفتاح كلام للتبرك؛ لأن الخمس كله لله، يشهد لذلك الحديث الصحيح الذي رواه البيهقي عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بلقين قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى، وهو يعرض فرسا فقلت: يا رسول الله ما تقول في الغنيمة؟ فقال:«لله خمسها، وأربعة
أخماسها للجيش» قلت: فما أحد أولى به من أحد؟ قال:«لا، ولا السهم تستخرجه من جنبك، ليس أنت أحق به من أخيك المسلم». واختلفوا في سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام قال ابن كثير: قال قائلون: يكون لمن يلي الأمر من بعده، وقال: آخرون يصرف في مصالح المسلمين، وقال آخرون: بل هو مردود على بقية الأصناف، ذوي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وقال آخرون بل سهم النبي صلى الله عليه وسلم، وسهم ذوي القربى مردودان على اليتامى، والمساكين، وابن السبيل. قال