وسواء كان قد تزوج ثم فارق، أو لم يتزوج واحد منهما حكاه الجوهري عن أهل اللغة، يقال رجل أيم وامرأة أيم وقوله إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الآية. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: رغبهم الله في التزويج، وأمر به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى فقال إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وقال ابن أبي حاتم ... أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال تعالى إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وعن ابن مسعود «التمسوا الغنى في النكاح» يقول الله تعالى إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ رواه ابن جرير وذكر البغوي عن عمر نحوه وعن الليث ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله» وقد زوج النبي صلى الله
عليه وسلم ذلك الرجل الذي لم يكن عليه إلا إزاره، ولم يقدر على خاتم من حديد، ومع هذا فزوجه بتلك المرأة، وجعل صداقها عليه أن يعلمها ما معه من القرآن. والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله، وأما ما يورده كثير من الناس على أنه حديث «تزوجوا فقراء يغنكم الله» فلا أصل له، ولم أره باسناد قوي ولا ضعيف إلى الآن. وفي القرآن غنية عنه، وكذا هذه الأحاديث التي أوردناها ولله الحمد والمنة).
٥ - وعند قوله تعالى وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ قال ابن كثير:(هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد تزويجا بالتعفف عن الحرام كما قال صلى الله عليه وسلم «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء» الحديث، وهذه الآية مطلقة، والتي في سورة النساء أخص منها وهي قوله وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ إلى قوله تعالى وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ أي صبركم عن تزوج الإماء خير لكم، لأن الولد يجئ رقيقا قال عكرمة في قوله وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً قال هو الرجل يرى المرأة فكأنه يشتهي، فإن كانت له امرأة فليذهب إليها وليقض حاجته منها، وإن لم يكن له امرأة فلينظر إلى ملكوت السموات والأرض حتى يغنيه الله).
٦ - رأينا أن هناك اتجاهين للمفسرين في قوله تعالى فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ