غيره، كما أن هذا يشير إلى أن المعاني الأولى من سورة البقرة هي البداية والنهاية، وأنها المعاني التي تحتاج النفس البشرية إلى أن تذكر بها مرة بعد مرة، كما أن هذا يشير إلى كثرة المعاني المستكنة في الآيات الثلاثين الأولى لسورة البقرة حتى احتاج تفصيلها إلى عشرات السور.
...
وسنلاحظ فيما سيأتي معنا من السور أن المجموعة الواحدة تفصل في معنى متسلسل مرتبط بالآيات الأولى من سورة البقرة، ثم تأتي المجموعة الأخرى فتفصل في معنى يتكامل مع السياق بحيث يتم تكامل متعدد الجوانب في قسم المفصل، بشكل معجز وبديع.
...
ومن مثل ما مر معنا ندرك كيف يأخذ كل إنسان حظه من هذا القرآن، فمن لا يدرك إلا المعاني الحرفية لكل آية يأخذ حظه كاملا، ومن يدرك مع هذا محل الآية مع ما قبلها وما بعدها يأخذ حظا آخر، ومن يدرك وحدة السورة يأخذ حظا زائدا، ومن يدرك صلة السورة بمجموعتها يأخذ حظا جديدا، ومن يدرك صلة المجموعة بقسمها،
وصلة الأقسم بسورة البقرة، وسر سياق سورة البقرة الخاص يأخذ حظوظا ومعاني أخرى، ثم الناس يتفاوتون في هذا كله، فمن إدراك محدود إلى أوسع منه إلى أوسع، بما لا يلغى فيه فهم أوسع من فهم دونه، وكل ذلك هو بعض الشأن في هذا القرآن.
...
هذا كله إذا نظرنا إلى المسألة من خلال قراءة واحدة، ولكن هناك قراءات، وأوسع من ذلك أن القرآن أنزل على سبعة أحرف سنرى معناها في كتاب (الأساس في السنة وفقهها) وفي ذلك أسرار كثيرة. فالوقف في قراءة يعطيك معنى، والوقف في قراءة أخرى يعطيك معنى جديدا، والإعراب المتعدد للكلمة الواحدة في القراءة الواحدة- أو في القراءات- يعطيك معاني جديدة، وكل معنى من هذه المعاني هو صحيح في بابه، وباجتماعها مع بعضها تتولد عندك معان لا تتناهى، ولا يستطيع أحد لها حصرا وليس هذا هو كل شئ في هذا القرآن، بل هذا بعض الشئ.