عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ (١): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ (٢)(٣)، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ
"زَيْنَبَ بْنَتِ أَبِي سَلَمَةَ" كذا في ذ، وفي نـ: "زينَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ". "أَنَا بَشَرٌ" في نـ: "أَنَا بَشَرٌ مثلكم".
===
(١) اسمها: هند المخزومية أم المؤمنين.
(٢) مرَّ الحديث (برقم: ٢٤٥٨).
(٣) قوله: (إنما أنا بشر) على معنى الإقرار على نفسه بصفة البشرية من أنه لا يعلم الغيب إلا ما علمه الله منه. قوله: "ألحن بحجته" يعني: أفطن لها وأجدل، وقال ابن حبيب: أنطق وأقوى، مأخوذ من قوله تعالى:{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}[محمد: ٣٠] أي: في منطق القول، وقيل: معناه أن يكون أحدهما أعلم بمواقع الحجج وأهدى لإيرادها. قال أبو عبيد: اللحن بفتح الحاء: النطق، وبالإسكان: الخطأ في القول. وذكر ابن سيده: لحن الرجل لحنًا: تكلم بلغته، ولحن [له] يلحن لحنًا: قال له قولًا يفهمه إياه ويخفي على غيره، وألحنه القول: أفهمه إياه، ولحنه [لحنًا]: فهمه، ورجل لحن: عالم بعواقب الكلام. قوله: "فأقضي نحو ما أسمع" فيه: أن الحاكم مأمور بأن يقضي بما يقر به الخصم عنده "ع" (١٦/ ٤٢٠) و"ألحن" أي: أبلغ وأفطن وأعلم بحجته. و"قطعة من النار" لأن مآله إليها، وفيه أن البشر لا يعلم الغيب إلا أن يعلمه الله، وأنه يحكم بالظاهر وحكمه صلى الله عليه وسلم في مثل هذه لا يكون إلا صحيحًا؛ لأنه لا يحكم إلا بالبينة، كما هو مقتضى البينة وإن كانت خطأ. وفيه: أن حكم الحاكم لا ينفذ باطنًا ولا يحل حرامًا خلافًا للحنفية، "ك" (٢٤/ ٢١٤)، وسيجيء الكلام عليه. والحجة للحنفية (برقم: ٧١٨١) إن شاء الله تعالى. فإن قيل: هذا يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - قد يُقَرُّ على الخطأ وقد أطبق الأصوليون على أنه لا يقر عليه. أجيب: بأنه فيما حكم بالاجتهاد، وهذا في فصل الخصومات بالبينة والإقرار والنكول، "مجمع" (٤/ ٤٨٦).