(٢) قوله: (صلاة الاستسقاء ركعتين) قال أبو يوسف ومحمد: السنة أن يصلي الإمام ركعتين بجماعة كهيئة صلاة العيد، وبه قال مالك والشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة، فإن صلَّى الناس وُحْدانًا جاز، إنما الاستسقاء الدعاء والاستغفار، لقوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (*) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: ١٠ - ١١] علّق به نزول الغيث لا بالصلاة، فكأن الأصل فيه الدعاء والتضرُّع فى دون الصلاة، ويؤيده ما في "سنن سعيد بن منصور" بسند جيد إلى الشعبي، قال: خرج عمر رضي الله عنه يستسقي فلم يزد على الاستغفار، فقالوا: ما رأيناك استسقيتَ، فقال: طلبت الغيث بمجاديح السَّماء -أي: أنوائها، "ق"(ص: ٢٠٩) - الذي يستنزل به المطر، ثم قرأ:{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} الآية [هود: ٥٢]، ذكره العيني (٥/ ٢٥٧ - ٢٦١)، وقال: ويشهد لذلك أحاديث، ثم أوردها في شرحه، ثم قال: فهذه الأحاديث والآثار كلُّها تشهد لأبي حنيفة أن الاستسقاء استغفار ودعاء، وأجيب عن الأحاديث التي فيها الصلاة أي كحديث الباب ونحوه: بأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعلها مرة وتركها أخرى، وذا لا يدلّ على السنية، وإنما يدلّ على الجواز، انتهى.