(٦) قوله: (فأغلظ) يحتمل أن يراد بالإغلاظ التشديد في المطالبة من غير كلام يقتضي الكفر ونحوه، أو كان المتقاضي كافرًا، قوله:"فَهَمَّ به أصحابه" أي: قصدوه ليؤذوه باللسان أو باليد وغير ذلك، فإن قلت: كيف تستفاد منه الترجمة؟ قلت: من لفظ "أعطوه" وهو وإن كان للحاضرين لكنه بحسب العرف وقرائن الحال شامل لكل واحد من وكلاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غُيَّبًا وَحُضورًا، قاله الكرماني (١٠/ ١٣٥).
قال العيني (٨/ ٦٨١): فيه توكيل الحاضر الصحيح على قول عامة الفقهاء، وهو قول ابن أبي ليلى ومالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد، إلا أن مالكًا قال: يجوز ذلك وإن لم يَرْضَ خصمه إذا لم يكن الوكيل عدوًا للخصم.
وفي "التوضيح"(١٥/ ١٧٤): وهذا الحديث حجة على أبي حنيفة في قوله: إنه لا يجوز توكيل الحاضر بالبلد الصحيحِ البدنِ إلا برضى خصمه أو عذر مرض أو سفر ثلاثة أيام، وهذا الحديث خلاف قوله؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أمر أصحابه أن يقضوا [عنه] السِّنَّ التي كانت عليه، وذلك توكيل [لهم] منه -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن -صلى الله عليه وسلم- غائبًا ولا مريضًا ولا مسافرًا.