(١) قوله: (باب شرب السم … ) إلخ، أبهم الحكم اكتفاء بما يفهم من حديث الباب، وهو عدم جوازه؛ لأنه يفضي إلى قتل نفسه. قوله:"والدواء به" وهو أيضًا لا يجوز؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللّه لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم". قوله:"وبما يخاف منه" عطف على الجار والمجرور، أعني: قوله: "به". وفي بعض النسخ:"وما يخاف" بدون حرف الباء، فعلى هذا يكون عطفًا على لفظ "السم"، والمعنى: ما يخاف به من الموت أو استمرار المرض، كذا في "العيني"(١٤/ ٧٥٤). قال في "الفتح"(١٠/ ٢٤٧ - ٢٤٨): وأما مجرد شرب السم فليس بحرام على الإطلاق؛ لأنه يجوز استعمال اليسير منه إذا ركَّب معه ما يدفع ضرره إذا كان فيه نفع، وزعم بعضهم أن المراد بقوله:"والدواء به" الدواء منه، والمراد ما يدفع ضرر السم، وأشار بذلك إلى ما ورد في حديث:"من تصبَّح بسبع تمرات" الحديث، وفيه "لم يضره سم"، فيستفاد منه استعمال ما يدفع ضرر السم قبل وصوله، ولا يخفى بُعده. لكن يستفاد منه مناسبة ذكر حديث العجوة في هذا الباب. وأما قوله:"والخبيث" فيجوز جره، والتقدير: والتداوي بالخبيث، ويجوز الرفع على أن الخبر محذوف، والتقدير: ما حكمه؟ أو هل يجوز التداوي به؟ وقد ورد النهي صريحًا عن تناول الدواء الخبيث، أخرجه أبو داود (ح: ٣٨٧٠) والترمذي (ح: ٢٠٤٦) وغيرهما [انظر: "ابن ماجه"(ح: ٣٤٥٩)]، وصحَّحه ابن حبان من طريق مجاهد عن أبي هريرة مرفوعًا. قال الخطابي [في "المعالم"(٤/ ٢٠٥)]: خبث الدواء يقع بوجهين: أحدهما: من جهة نجاسته كالخمر ولحم الحيوان الذي لا يؤكل، وقد يكون من جهة استقذاره فيكون كراهة لإدخال المشقة على النفس، وإن كان كثيرًا من الأدوية تكره النفس تناوله، لكن بعضها في ذلك أيسر من بعض.